ويستفاد من رواية البجلي المتقدّمة اتّحاد بياض اليوم مع الأميال والفراسخ ، المتحدتين مع البريدين ، فتكون لفظة ، « أو » في صحيحة خزاز لبيان أفراد كيفية التقدير.
بل يستفاد منها أنّ بياض اليوم هو مسيرة يوم التي حدّ التقصير بها في كثير من الأخبار. فتكون هي أيضا متّحدة مع ثمانية ، لذلك ولمعتبرة الفضل ، وموثقة سماعة ، وصحيحة زرارة ومحمد ، المتقدّمة جميعا.
وعلى هذا فيدلّ على المطلوب أيضا ما حدّ التقصير بمسيرة اليوم ، كبعض ما مرّ ، وصحيحة ابن يقطين : عن الرجل يخرج في سفره وهو مسيرة يوم ، قال : « يجب عليه التقصير إذا كان مسيرة يوم وإن كان يدور في عمله » (١).
وقد ظهر من جميع ذلك اتّحاد جميع هذه التقديرات وأنّ مرجعها إلى ثمانية فراسخ.
وأمّا ما يخالفها ممّا دلّ على أنّه مسيرة يوم وليلة ، أو ثلاثة برد ، أو مسيرة يومين (٢).
فمع قصوره عن المقاومة لما مرّ من وجوه منها الشذوذ فتوى ورواية ، بل المخالفة للإجماع ، محمولة على التقية ، فإنّ لكلّ منها قائلا من العامّة (٣).
ثمَّ إنّه يظهر من ذلك ما في كلام بعض المتأخّرين ـ كالروض والمدارك (٤) ، وغيرهما (٥) ـ من اعتبار المسافة بمسيرة يوم والتقدير بالفراسخ معا ، ثمَّ نفي الإشكال عن الاكتفاء بالسير والتقدير مع موافقتهما ، والاستشكال فيما لو اختلفا ، وترجيح التخيير تارة بالتقصير ببلوغ المسافة بأحدهما ، وتقديم السير أخرى ، لأنّه
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٠٩ ـ ٥٠٣ ، الاستبصار ١ : ٢٢٥ ـ ٧٩٩ ، الوسائل ٨ : ٤٥٥ أبواب صلاة المسافر ب ١ ح ١٦.
(٢) انظر الوسائل ٨ : ٤٥٣ أبواب صلاة المسافر ١ : ح ٥ و ٩ و ١٠.
(٣) بدائع الصنائع ١ : ٩٣.
(٤) الروض : ٣٨٣ ، المدارك ٤ : ٤٣٠.
(٥) كالذخيرة : ٤٠٧.