وليس يريد السفر ثمانية فراسخ ، إنّما خرج يريد أن يلحق صاحبه ، فتمادى به السير إلى الموضع الذي بلغه ، ولو أنّه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا وجائيا لكان عليه أن ينوي من الليل سفرا والإفطار » (١).
دلّت على وجوب التقصير بالأربعة الذهابية والإيابية ، بل يدلّ قوله : « ولو أنّه خرج » بعد قوله : « لأنّه ليس يريد السفر ثمانية فراسخ » على أنّ الأربعة فراسخ ذاهبا وجائيا من أفراد السفر ثمانية فراسخ ، فتكون الثمانية أعمّ من الملفقة.
السادس : تعليل وجوب القصر في البريد والأربعة بأنّه إذا رجع كان سفره ثمانية في حديث العلل والمحاسن ، وفيها بعد الأمر بالتقصير في الأربعة : « هل تدري كيف صار هكذا؟ » قلت : لا أدري ، قال : « لأنّ التقصير في البريدين ، ولا يكون التقصير في أقلّ من ذلك ، فلمّا كانوا قد ساروا بريدا وأرادوا أن ينصرفوا بريدا كانوا قد ساروا سفر التقصير » (٢).
وهذا صريح في إرادة الأعمّ من الملفقة.
والجواب أما عن الأول : فبمنع الصدق كما مرّ.
وأما عن الثاني : فبمنع أعمية سير الثمانية ، فإنّ لفظ الثمانية إذا كانت حقيقة في الممتدّة يكون سيرها حقيقة في سير الممتدّة ، لأصالة عدم وضع آخر للهيئة التركيبيّة ، ولذا لا يتبادر من قولك : أعطيته ألف درهم ، إلاّ إعطاء ألف متعدّدة دون المكرّرة ، وكذا : رأيت ألف شخص ، وقرأت ألف بيت.
مضافا إلى أنّ الأخبار المتضمّنة لمثل قوله : « التقصير في بريدين أو ثمانية فراسخ » لا يشتمل على لفظ « سير » فكما يمكن أن يكون المراد سير هذه المسافة يمكن أن يكون ذهابها ، بل هو المتبادر الظاهر.
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٢٥ ـ ٦٦٢ ، الاستبصار ١ : ٢٢٧ ـ ٨٠٦ ، الوسائل ٨ : ٤٦٨ أبواب صلاة المسافر ب ٤ ح ١.
(٢) العلل : ٣٦٧ ب ٨٩ ح ١ ، المحاسن : ٣١٢ ـ ٢٩. الوسائل ٨ : ٤٦٦ أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ١١ ( بتفاوت يسير ).