والموثّقة صريحة في الممتدّة ، إذ لو أراد الملفّقة أيضا لوجب الحكم بالتمام في خمسة فراسخ الثانية ، لقصده الذهاب إليها والإياب ، بخصوصه كما هو الظاهر ، أو بالعموم الحاصل من ترك استفصال أنّ الخمسة الثانية هل كانت مقصودة بتمامها أوّلا أو لا. مع أنّ مقتضاها حصول السفر بسير ثمانية فراسخ ، ولا دلالة لها على وجوب التقصير به ، بل غايته أنّ بدونه لا يقصر ، فيمكن أن يكون للقصر شرط غيره أيضا ككون السفر ذهابيا.
والصحيحة صريحة في أنّ سير البريد ذهابي لقوله بعده « حين رجعت » فلا دلالة لها من حيث إطلاق السير ، وأمّا من حيث إيجاب التقصير في البريد فيأتي جوابه.
وأمّا عن الثالث : فبعدم دلالة أكثر أخبار الأربعة على التحتم ، ويعارض ما دلّ منها عليه مع الأقوى منها ، كما يأتي مفصلا ، مع انّها لو تمّت دلالتها لدلّت على التقصير في الأربعة مطلقا وإن لم يكن فيها إياب قبل قطع السفر ، فلا تكون قرينة على تلفيق الثمانية ، بل تكون معارضة لأخبارها.
وأما عن الرابع : فبأنّه لا يدل على الأزيد من مشروعيّة التقصير وجوازه في بريد ذاهب وبريد جائي ، وأنّ علّة المشروعية صيرورتها ثمانية ملفّقة كما يأتي ، ولا دلالة فيه على أنّ الثمانية الموجبة أيضا هي أعمّ من الملفّقة ، ويمكن أن تكون الثمانية الملفّقة صالحة لعليّة الجواز لا الوجوب.
وأمّا عن الخامس والسادس : فبأنّ الاستناد إليهما إنّما كان صحيحا لو لا ضعفهما بالشذوذ والمعارض ، ولكن حكمهما عموما شاذّ ، ومع ذلك يعارضان الرضوي الآتي المنجبر بالعموم المطلق ، فيجب تخصيصهما بغير محلّ التعارض ، كما يأتي في المسألة الرابعة.
فائدة : الفرق بين هذه المسألة ، ومسألة تحتّم القصر في الأربعة وعدمه بالعموم من وجه ، فتفترق هذه المسألة عن الآتية فيما إذا لم يكن الذهاب أربعة ، كمن يقصد السير من طريق مسافته ثلاثة فراسخ ، والعود ممّا مسافته خمسة ، وفيما