وتنافيه التعليلات الناصّة للتقصير في الأربعة بأنّها تصير مع الرجوع ثمانية ، سيّما قوله في رواية العلل : « وأرادوا أن ينصرفوا » (١).
وثالثها : الرضوي ، حيث قال ـ بعد الحكم بوجوب التقصير في الأربعة مع إرادة الرجوع ليومه كما مر ـ : « وإن عزمت على المقام ، وكان سفرك بريدا واحدا ، ثمَّ تجدّد لك فيه الرجوع من يومك ، فلا تقصّر » (٢).
هذا ، مع أنّ كثيرا من الأخبار التامّة الدلالة على وجوب التقصير في الأربعة ، أو المستدلّ به له ، غير شاملة أو غير ظاهرة الشمول لما إذا تخلّل القاطع.
كما دلّ على وجوب تقصير الحاجّ أو أهل مكة في عرفة ، لعدم وقوفهم فيها عشرة قطعية ، أو ثلاثين متردّدة ، إلاّ نادرا لا يحمل الكلام عليه.
وكرواية إسحاق بن عمار الأخيرة ، لندرة انتظارهم الرجل المذكور متردّدين بأزيد من ثلاثين يوما ، بل استبعاده ، بل القطع عادة بخلافه ، بل المتيقّن إمّا مجيئه أو يأسهم عن مجيئه قبلها.
وكرواية العلل المتضمّنة لإرادة الانصراف ، ورواية صفوان المشتملة على قوله « ذاهبا وجائيا » وصحيحة أبي ولاّد المصرّحة بإرادة الرجوع من الطريق.
أقول : يمكن القدح في بعض هذه الوجوه ، كمنع الانصراف والغلبة المذكورتين ، ومنع إشعار الموثّقة ، وكمنع تعدّد السفر بتخلّل القاطع مطلقا ، فإنّه لا وجه لتعدّد السفر عرفا بتخلّل العشرة مع نيّة الإقامة دون العشرين بدون النية ، أو التسعة مع النية أيضا ، وتضعيف الرضوي بعدم ثبوته ، مع أنّ في صحيحة عمران دلالة على التقصير في الأربعة مع تخلّل القاطع (٣).
ثمَّ أقول : إنّ بما ذكرنا ظهرت أدلّة جميع الأقوال الخمسة ، وما يرد على كلّ
__________________
(١) راجع ص ١٨٨.
(٢) فقه الرضا عليهالسلام : ١٥٩ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٥٢٨ أبواب صلاة المسافر ٢ : ح ١ ، وفيه صدر الحديث.
(٣) راجع ص ١٩٩.