لرواية إسحاق بن عمار في منتظر الرفقة ، وصحيحة أبي ولاّد المتقدّمتين (١) ، ورواية المروزي وفيها : « فإذا خرج الرجل من منزله يريد اثني عشر ميلا ، وذلك أربعة فراسخ ، ثمَّ بلغ فرسخين ، ونيّته الرجوع أو فرسخين آخرين قصّر ، وإن رجع عمّا نوى عند ما بلغ فرسخين وأراد المقام فعليه التمام ، وإن كان قصّر ثمَّ رجع عن نيّته أعاد الصلاة » (٢).
قيل : في دلالة الأخيرتين نظر :
أمّا الأولى فلعدم تصريح فيها بالقصر بعد نيّة الرجوع قبل بلوغ المسافة ، وإنّما صرّح فيها بقضاء ما صلاّه بالتقصير لو رجع عن النية قبل بلوغها ، وذلك وإن استلزم الحكم الأول إلاّ أنّ الملزوم ـ وهو وجوب قضاء ما صلاّه مطلقا ـ باطل إجماعا ، مخالف لصريح صحيحة زرارة المتضمّنة لقوله « تمّت صلاته ولا يعيد » (٣) فيبطل اللازم ، إذ لا بقاء للدلالة التبعية بعد فساد متبوعها. ولا يتوهّم دلالة قوله « فإن كنت سرت .. » بالمفهوم على المطلوب ، لأنّ مع تعقيبه بقوله « وإن كنت لم تسر .. » لم يبق له مفهوم غيره عرفا.
وأمّا الثانية فلأنّ محلّ دلالتها إمّا قوله « فعليه التمام » أو أمره بعده بإعادة الصلاة ، والأول لا يفيد ، لأنّ الإتمام لعلّه لقصد المقام دون نيّة الرجوع ، وكذا الثاني ، لما مرّ في السابقة.
أقول : وجوب قضاء الصلاة مطلقا وإن كان مخالفا للإجماع ، إلاّ أنّ وجوبه في الوقت خاصّة ذكره الشيخ في الاستبصار (٤) ، واستحبابه مطلقا ممّا اختاره
__________________
(١) في ص ١٩٨ ، و ١٩٩.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٢٦ ـ ٦٦٤ ، الاستبصار ١ : ٢٢٧ ـ ٨٠٨ ، الوسائل ٨ : ٤٥٧ أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ٤.
(٣) الفقيه ١ : ٢٨١ ـ ١٢٧٢ ، التهذيب ٤ : ٢٢٧ ـ ٦٦٥ ، ٣ : ٢٣٠ ـ ٥٩٣ ، الاستبصار ١ : ٢٢٨ ـ ٨٠٩ ، الوسائل ٨ : ٥٢١ أبواب صلاة المسافر ب ٢٣ ح ١.
(٤) الاستبصار ١ : ٢٢٨.