ولذا استدلّ لهما بعضهم (١) بالإجماعات المنقولة.
وبأنّ ما دلّ على القصر في المسافة يدل عليه إذا كانت المسافة سفرا واحدا ، وهي هنا تسار في سفرين.
وباستصحاب وجوب التمام الثابت في البلد في الأول وفي أحد الموضعين في الثاني ، مدّعيا أنّه ليس في إطلاق ما دلّ على وجوب القصر في المسافة عموم يشمل نحو هذه المسافة المنقطعة بالتمام في أثنائها ، لاختصاصه ـ بحكم التبادر ـ بغيرها.
أقول : يضعّف الأول : بعدم حجية الإجماع المنقول.
والثاني : بمنع تعدّد السفر عرفا ، فإنّه لا وجه لكون المسافة المتخلّلة في أثنائها إقامة تسعة أيام ونصف سفرا واحدا وإقامة عشرة أيام سفرين عرفا ، وكذا لا يفرّق العرف بين ما إذا مرّ بمنزلة الّذي يتوطّنه سيّما إذا مرّ راكبا سيما عن حواليه ، وبين ما إذا لم يمرّ.
والثالث : بعدم إمكان منع شمول أكثر أخبار التقصير لمثل ذلك ، بل الظاهر شمول الأكثر ، سيّما على القول بكون مطلق الملك وطنا حيث إنّه يكثر أفراده أيضا. وتسليم شمولها للمقيم في الأثناء تسعة أيام ومنعه للمقيم عشرة لا وجه له.
ولذا قال في الذخيرة ـ بعد ذكر هذا الحكم وقوله : لا أعرف فيه خلافا ـ لكن إقامة حجّة واضحة عليه لا تخلو عن إشكال (٢) ، وهو كذلك.
إلاّ أن يستدلّ للإتمام في المسافة التي بعد المنزل بعموم التعليل بقوله : « لأنّه خرج من منزله لا يريد السفر ثمانية فراسخ » في رواية صفوان السابقة (٣) ، وله في الّتي قبل ما يريد الإقامة فيه عشرة أيام بعموم نحو صحيحة الخزّاز : « إن حدث
__________________
(١) انظر الرياض ١ : ٢٥٠.
(٢) الذخيرة : ٤٠٨.
(٣) في ص ١٨٧.