أقول : هذا القول كان حسنا لو لا ما ذكر من رفع اليد عن الحسنة (١) ، أو حملها على خلاف ظاهرها.
حجة الثامن أمّا على اعتبار الوطن العرفي وكفايته : فهذه الأخبار الأخيرة.
وأمّا على اعتبار الوطن الشرعي وهو ما أقام فيه ستّة أشهر : فالصحيحة المذكورة مع عدم تعارض بينهما كما يأتي.
وهو كان حسنا لو لا احتمال الصحيحة للمعنى الثاني المتقدّم.
ومن هذا ظهر أدلّة جميع الأقوال وما يرد عليها.
ثمَّ أقول لتحقيق الحال وبيان الحقّ من الأقوال :
إنّه قد ظهر لك مما مرّ ذكره بطلان كفاية الملك أو اشتراطه ، وكذا ظهر عدم وضوح دليل على الاكتفاء بإقامة ستّة أشهر ماضية مطلقا ، أو في السنة ، أو اشتراط استيطانها في كلّ سنة مع الملك أو المنزل.
ومنه ظهر سقوط جميع الأقوال الأربعة الاولى ، بل الخامس والسادس على إرادتهما إقامة ستّة أشهر ولو فعلا بمعنى قصدها والعزم عليها.
وأمّا إن أرادا الاستيطان العرفي فقد عرفت دلالة أخبار الأهل على كفايته ، بل سائر أخبار الاستيطان لو لا الصحيحة ، فلا مناص عن القول بكفايته ، فهما يتمّان من هذه الجهة ، إلاّ أنّ عدم اعتبار غيره وعدم كفايته محلّ نظر ، لأنّ الصحيحة وإن كانت مجملة باعتبار احتمال المعنيين ، ولكنّه لا إجمال فيها من جهة القدر المتيقّن منهما وهو المعنيان معا ، فإنّه تثبت منهما كفاية إقامة ستّة أشهر في الزمان الماضي ، وقصدها والعزم عليه في المستقبل ، سواء صدق معه التوطّن العرفي أم لا ، فتركها وعدم اعتبارها أصلا ممّا لا وجه له.
ومنه يظهر سقوط هذين القولين على ذلك المعنى ، وكذا القول السابع من جهة عدم اعتبار الاستيطان بهذا المعنى أي المعنى الشرعي ، وإن كانت الثلاثة صحيحة باعتبار الاكتفاء بالوطن العرفي.
__________________
(١) كذا في النسخ الأربع ، والظاهر أن الصحيح : الصحيحة ، وهي صحيحة ابن بزيع المذكورة آنفا.