دليل الأول : أنّ معنى الإقامة في البلد أن لا يخرج عن حدود ذلك البلد ، والمستفاد من الأخبار أنّ الحدود الشرعية لكلّ بلد منتهى سماع أذانها ورؤية بيوتها وجدرانها ، وهو الّذي يحصل به الترخّص من جميع أطرافها ، فما دام يكون فيما دون حدّ الترخّص يكون في البلد ، وإذا تجاوز عنه يكون خارجا عنه.
أو يقال : ليس المراد بالإقامة معناها اللغوي ، ولم تثبت فيه حقيقة شرعية ، فيقتصر فيه على موضع الإجماع ، وهو ما لم يتجاوز حدّ الترخّص.
أو يقال : معنى الإقامة في البلد الإقامة فيه عرفا ، وعدم الخروج عن حدّ الترخّص عن بلد أقام فيه عرفا ، دون ما تجاوز عنه.
ويرد على الأوّل : منع كون الحدود لبلد هو حدّ الترخص. واعتباره في كلّ من الخروج والدخول من السفر لا يستلزم اعتباره في معنى الإقامة أو البلد أو الموضع ، فإنّه أمر شرعي لا مدخل له في أمر عرفي مستفاد من اللفظ المترتّب عليه الحكم الشرعي. وتقديم الشرع على اللغة أو العرف إنّما هو فيما إذا أفاد الشرع حقيقة شرعية لذلك اللفظ الّذي نيط به الحكم ، دون ما إذا أفاد شرطا شرعيا لحكم في بعض الموارد كما نحن فيه ، فإنّ غاية ما يستفاد من الشرع اعتبار حدّ الترخص حال خروج المسافر ودخوله في القصر والإتمام ، لا صيرورة الإقامة حقيقة شرعية فيما لم يحصل معه الخروج إلى حدّ الترخّص للفظها.
وعلى الثاني : منع عدم إرادة المعنى اللغوي عن الإقامة في موضع ، بل هو المراد ، وهو ما يصدق عليه ذلك عرفا فإنّه لا يعلم للإقامة في موضع لغة معنى سوى ما يفهمه العرف ، وعلى هذا فلا حاجة إلى الاقتصار على موضع الإجماع ، بل يرجع إلى العرف ، مع أنّ أصل الإجماع الذي ادّعاه ممنوع.
وعلى الثالث : أنّ بعد الإناطة إلى العرف لا يتفاوت فيه التجاوز عن حدّ الترخص بقليل أو عدم البلوغ إليه كذلك ، والحاصل أنّه لا وجه لإناطة العرف بخصوص حدّ الترخص.
دليل الثاني : أنّ الإقامة إنّما تنقطع بالسفر الشرعي ، والسفر إلى ما دون