وتدل عليه صريحا صحيحة أبي ولاّد الآتية في حكم الصلاة في المواطن الأربعة (١) ، والرضوي المنجبر (٢) ، وهو أيضا بمعناها.
وأما رواية الجعفري : لمّا أن نفرت من منى نويت المقام بمكة ، فأتممت الصلاة حتى جاءني خبر من المنزل ، فلم أجد بدّا من المصير إلى المنزل ، ولم أدر أتمّ أم أقصّر ، وأبو الحسن عليهالسلام يومئذ بمكة ، فأتيته فقصصت عليه القصة ، فقال : « ارجع إلى التقصير » (٣).
فهي غير منافية لما ذكر ، لأنّ المراد الرجوع إلى التقصير بعد الخروج من مكة ، وهو كذلك ما لم يقصد إقامة جديدة.
وظاهر قوله في الصحيحة : « حتى بدا لك أن لا تقيم » أنّ الموجب للرجوع إلى التقصير قبل الصلاة هو قصد عدم الإقامة. فلو حصل له التردّد بعد القصد لا يقصّر ، لعمومات التمام في موضع قصد فيه الإقامة ، واستصحاب وجوب التمام. ولا تعارضها عمومات قصر المتردّد ، لظهورها فيمن كان كذلك ابتداء.
وكذا ظاهرها أنّ الموجب للرجوع هو قصد عدم الإقامة سواء قصد المسافة أو ما دونها ، فيقصّر لو كان رجوعه قبل الصلاة إلى قصد ما دون المسافة ، وفاقا لجماعة (٤) ، وخلافا لآخرين لوجه ضعيف (٥).
ثمَّ إنّ الحكم بالإتمام فيها وقع معلّقا بالصلاة ، فلا يكفي الصوم الواجب ولو أتمّه قبل الرجوع ، لعموم الصحيحة.
وقيل : يكفي إن رجع بعد الزوال (٦) ، لما دلّ من العمومات على وجوب
__________________
(١) انظر ص ٣٠٧.
(٢) فقه الرضا عليهالسلام : ١٦١ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٥٤٠ أبواب صلاة المسافر ب ١٣ ح ١.
(٣) الفقيه ١ : ٢٨٣ ـ ١٢٨٦ ، التهذيب ٣ : ٢٢١ ـ ٥٥٤ ، الاستبصار ١ : ٢٣٩ ـ ٨٥٢ ، الوسائل ٨ : ٥٠٩ أبواب صلاة المسافر ب ١٨ ح ٢.
(٤) كالعلاّمة المجلسي في البحار ٦٨ : ٤٤ ، وصاحبي الرياض ١ : ٢٦٠ ، والحدائق ١١ : ٤٠٥.
(٥) كالشهيد الثاني في الروض : ٣١٤ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٤١٢.
(٦) التنقيح ١ : ٢٩٤ ، روض الجنان : ٣٩٥.