ومنهم من عنونها بمن يكون سفره أكثر من حضره ، كالشيخين والسيّد والديلمي والحلّي والشرائع والقواعد والتحرير والإرشاد والتبصرة (١) ، بل ادّعى على ذلك العنوان الإجماع. إلى غير ذلك.
ولعلّ نظر الأوّلين إلى عدم دليل تامّ على غير خصوص هؤلاء المعدودين في النصوص : أمّا كون السفر عملا لهم فلأنّه إنّما يتمّ لو ارجع الضمير المنصوب إلى السفر ، وهو غير متعيّن ، لإمكان إرجاعه إلى مبادئ الأوصاف المذكورة في الروايات. وأمّا العنوانان الأخيران فلعدم ذكر منهما في شيء من الأخبار.
ونظر الثاني إلى العلّة المنصوصة.
ونظر الأخيرين إلى استفادة هذين العنوانين من تعليق الحكم على هؤلاء الأشخاص لأنّهما الوصف المشترك بينهم.
أقول : لا يخفى أنّ التعبير عن المسألة بالعنوانين الأخيرين وإن لم يكن جيّدا لعدم دليل عليهما سوى العلّة المستنبطة الّتي هي عندنا ليست بحجّة ، وأمّا العنوان المتقدّم عليهما وهو كون السفر عملا وشغلا وحرفة له فهو ممّا نصّت عليه الروايات ، وإرجاع الضمير إلى السفر هو الظاهر المتبادر منها بل لا مرجع له غيره في الكلام مذكورا ، والإرجاع إلى غير المذكور خلاف الأصل والظاهر ، فلا مفرّ من اعتباره وصحة عنوان المسألة به. وكذا يلزم عنوان آخر أيضا ، وهو عدم كونهم ممّن منازلهم معهم كما علّل به في الرواية والمرسلة ، وهما ليسا بمتّحدين ، إذ الظاهر عدم عدّ السفر شغلا ولا حرفة للذين منازلهم معهم.
وأمّا العنوان بالأشخاص وإن كان صحيحا إلاّ أنّ بعد ملاحظة التعليلين يكون أخصّ من مناط الحكم ومتعلّقه ، إذ لا ينحصر من يكون السفر عمله لهؤلاء
__________________
(١) المفيد في المقنعة : ٣٤٨ ، والشيخ في النهاية : ١٢٢ ، السيد في الانتصار : ٥٣ ، الديلمي في المراسم : ٧٤ ، الحلي في السرائر ١ : ٣٣٨ ، الشرائع ١ : ١٣٤ ، القواعد ١ : ٥٠ ، التحرير ١ : ٥٦ ، الإرشاد ١ : ٢٧٥ ، التبصرة ٤١.