إرادة الشامل للجميع في استعمال واحد ، إذ ما لا يتخطّى على الأوّل معنى غيره على الأخيرين ، فإنّه على الأوّل شيء مانع عن التخطّي ، وعلى الأخيرين شيء لا يصير خطوة.
ثمَّ إنّ هذا اللفظ قد تكرّر في الصحيحة في أربعة مواضع :
أمّا الموضع الأوّل فعلى حمله على الحائل يكون معنى لا يتخطّى نحو : لا يمكن التخطّي أولا يصلح أو ليس من شأنه ، ويلزم تقدير نحو لفظة : « منه » أي ما لا يتخطّى منه ، وهو خلاف أصل.
وعلى حمله على العلوّ يفسّر إمّا كالسابق ، أو يكون المعنى : ما لا تقطعه الخطوة ولا يصير محل التخطّي مطلقا لا بخطوة واحدة ولا أكثر ، فإنّ العلوّ المفرط لا يتخطّى من حيث هو وإن أمكن تخطّيه بالدّرج ، وهو أمر خارج عن نفس العلوّ ، فالمرتفع كثيرا لا يصير محلا للتخطّي مطلقا إلاّ بتقليله شيئا فشيئا وجعله مدرجا ، كما أنّ الحائل لا يتخطّى منه كذلك إلاّ برفعه. وعلى هذا لا يستلزم خلاف أصل.
وعلى حمله على البعد يكون المعنى : ما ليس من شأنه أن يتخطّى.
ويلزم حمل التخطّي على الخطوة الواحدة ، أي ما لا يتخطّى بخطوة واحدة ، ضرورة إمكان قطع المسافة وإن بعدت بخطوات كثيرة. وهذا مخالف للأصل ؛ لأنّ التخطّي هو قطع المسافة بالخطوة واحدة كانت أم متعددة.
وكذا يلزم التخصيص بالصفّ الأوّل ، أو التجوّز في الإمام بإرادة من تقدّم على المأموم إماما كان أو مأموما آخر ، ضرورة عدم اشتراط انتفاء هذا البعد بين كلّ مأموم والإمام. وهذا خلاف أصل آخر.
ويلزم أيضا تخصيص أهل الصفّ الأوّل بمن في خلف الإمام خاصّة أو مع من يليه ، أو إرادة محاذاة الإمام من لفظ : « الإمام » ضرورة عدم اشتراط انتفاء هذا البعد بينه وبين نفس الإمام في طرفي الصفّ. وهذا خلاف أصل ثالث ، بل غير جائز ، لاستلزامه عدم بقاء غير واحد أو اثنين أو ثلاثة من الأفراد الغير العديدة بل من أزيد من عشرة آلاف في بعض الأوقات.