وجوب الإنصات إلى ابن حمزة خاصّة ، قال : والباقون سنّوه (١). وهو ظاهر في دعوى الاتّفاق وصريح في ادّعاء الشهرة على عدم وجوبه ، وبذلك تخرج أخباره عن صلاحيّة تأسيس الحكم. وقال : لا تفيد موافقتها للكتاب ، للإجماع ـ على ما حكاه بعض الأصحاب ـ على عدم وجوب الإنصات للقراءة على الإطلاق كما هو ظاهر الآية ، فإطلاقها للاستحباب قطعا ، وبه يخرج الأمر بالإنصات في الأخبار عن إفادة الوجوب أيضا ، لتعليله بالأمر به في الآية ، فيكون الأمران متوافقين.
ولكن يخدشه أنّ صحيحة زرارة الثانية صريحة في اختصاص الآية بالفريضة خلف الإمام ، ولا إجماع على عدم الوجوب فيها ، والإجماع على الاستحباب في غيرها لا ينافي الوجوب فيها ، فيكون الأمر في الآية للوجوب وبه يتقدّم موافقها على غيره ، ولا تخرج الأخبار الآمرة بالإنصات عن حقيقتها بسبب التعليل.
وأمّا في الثاني (٢) : فلأنّه ليس صريحا في الوجوب ؛ لشيوع ورود أمثال ذلك في المكروهات. مع أنّه ليس باقيا على حقيقته قطعا ، سيّما مع شمول الرواية للإخفاتية المصرّحة في الأخبار بجواز القراءة فيها ، فهي على المبالغة محمولة.
وأمّا في الثالث : فلضعفه الخالي عن الجابر. مع أنّ الظاهر أنّه ليس رواية مخصوصة ، بل نقل لما فهمه من الأخبار المتضمّنة لمثل قوله : « لا تقرأ » ويأتي ضعف دلالتها.
وأمّا في الرابع : فلعدم صراحة غير رواية القصير (٣) ـ على بعض النسخ الّذي لا يفيد لأجل الاختلاف ـ في النهي المفيد للحرمة ، لاحتمال النفي أيضا ، وهو لا يثبت سوى المرجوحيّة. بل في إثباتها هنا أيضا نظر ؛ لكون المقام ممّا يحتمل أن يكون مجازه نفي الوجوب.
مع أنّ أكثر هذه الروايات شاملة للإخفاتية ، المجوّزة فيها القراءة في الأخبار
__________________
(١) التنقيح ١ : ٢٧٢.
(٢) أي : وأمّا وجه الضعف في الدليل الثاني على حرمة القراءة للمأموم ، راجع ص ٧٨.
(٣) المتقدّمة في ص ٧٥.