الجهريّة ، لا عدم جوازها ، فيكون المعنى : الراجح أو الواجب في الجهريّة مع السماع الاستماع سواء كان مع القراءة أو بدونها ، وفي الإخفاتيّة أو مع عدم السماع القراءة.
والمقارنة الأولى كانت مفيدة لو كان القرين نهيا مفيدا للحرمة ، وهو غير معلوم ، كما يأتي. فيمكن أن يكون المراد بيان كراهة القراءة أو عدم وجوبها ووجوب الإنصات. وكون التعليل للنهي غير معلوم ، فلعلّه للأمر بالإنصات بل هو كذلك. مع أنّ تعليل كراهة القراءة بوجوب الإنصات المتوقّف كماله على السكوت لا ضير فيه.
والثانية كذلك (١) لو كان الأمر بالتسبيح للوجوب ، وهو ليس كذلك لعدم وجوبه إجماعا.
فيمكن جمع القراءة مع الإنصات من دون تضادّ ومنافاة.
ويدلّ عليه أيضا ما يصرّح بجواز الذكر والدعاء في الركعتين الأوليين ، إمّا مطلقا كرواية أبي خديجة : « إذا كنت إمام قوم فعليك أن تقرأ في الركعتين الأوليين ، وعلى الّذين خلفك أن يقولوا : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر » (٢).
أو في خصوص الجهريّة كمرسلة الفقيه : أكون خلف الإمام وهو يجهر بالقراءة فأدعو وأتعوّذ؟ قال : « نعم فادع » (٣).
فإنّه لا تفاوت بين الذكر والدعاء وبين القراءة في المنافاة (٤) وعدمها.
ولذا جعل من يظنّ منافاة الإنصات للقراءة أخباره معارضة لهاتين الروايتين وبه أجاب عنها (٥) ، ثمَّ ردّ ضعفهما ـ لو كان ـ بأنّه ينجبر بما عن التنقيح من نسبة
__________________
(١) أي : والمقارنة الثانية ـ وهي مقارنة الإنصات مع الأمر بالتسبيح ـ كانت مفيدة لو كان ..
(٢) التهذيب ٣ : ٢٧٥ ـ ٨٠٠ ، الوسائل ٨ : ٣٦٢ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٢ ح ٦.
(٣) الفقيه ١ : ٢٦٤ ـ ١٢٠٨ ، الوسائل ٨ : ٣٦١ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٢ ح ٢.
(٤) في جميع النسخ توجد زيادة : للذكر والدعاء.
(٥) أي : وبهذا التعارض أجاب عن أخبار الإنصات.