ووجه الضعف : أمّا في الأوّل : فلعدم منافاة وجوب الإنصات لجواز القراءة ؛ لأنّه هو الاستماع للحديث ، كما ذكره أهل اللغة ، قال في الصحاح : الإنصات : السكوت واستماع الحديث (١).
وقال الثعلبي في تفسيره : وقد يسمّى الرجل منصتا وهو قارئ أو مسبّح إذا لم يكن جاهرا به ، ألا ترى أنّه قيل للنبي : ما تقول في إنصاتك؟ قال ، أقول : اللهم اغسلني من خطاياي. انتهى.
وأيضا فسّره به في الآية في الصحيحة (٢).
وهو يتحقّق مع القراءة أيضا ، سيّما إذا كانت خفيّة.
ولا ينافيه ما في صحيحة معاوية بن وهب : « إنّ عليّا كان في صلاة الصبح فقرأ ابن الكوّاء ـ وهو خلفه ـ آية ، فأنصت عليّ عليهالسلام تعظيما للقرآن حتّى فرغ من الآية ، ثمَّ عاد في قراءته ، ثمَّ أعاد ابن الكوّاء فأنصت عليّ أيضا ثمَّ قرأ ، فأعاد ابن الكوّاء فأنصت عليّ » (٣).
فإنّه لو لم يكن الإنصات سكوتا لما كان يترك القراءة.
فإنّ القراءة لمّا كانت جهريّة لصلاة الصبح كانت منافية للاستماع ، فلعلّه لذلك قطع القراءة.
وكذا لا تنافيه مقابلته مع الأمر بالقراءة مع عدم السماع في صحيحة البجلي ، أو في الإخفاتية في رواية المرافقي ، أو مقارنته مع النهي عن القراءة سيّما مع تعليل النهي عنها بالأمر به في إحدى صحاح زرارة ، أو مع الأمر بالتسبيح في النفس في الأخرى ، كما قاله بعض الأجلّة. وجعل بعض هذه الأمور قرينة على إرادة السكوت من الإنصات وترك القراءة.
لأنّ مقتضى المقابلة عدم وجوب القراءة أو رجحانها مع السماع وفي
__________________
(١) الصحاح ١ : ٢٦٨.
(٢) وهي صحيحة زرارة الثانية ، المتقدّمة في ص ٧٥.
(٣) التهذيب ٣ : ٣٥ ـ ١٢٧ ، الوسائل ٨ : ٣٦٧ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٤ ح ٢.