ذلك بهذه العمومات ينفى تعيّنه أيضا بالأصل.
ولا تعارضها رواية أبي خديجة وفيها : « فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الّذين خلفك أن يقرؤوا فاتحة الكتاب وعلى الإمام التسبيح » (١).
لأنّها ظاهرة في عدم إرادة الوجوب بقرينة مقابلته مع قوله : « وعلى الإمام » وبشهادة سائر الأخبار المتقدّمة. مع أنّه لا قائل بوجوب الفاتحة على المأموم قطعا ، فعلى فرض دلالتها عليه تكون شاذّة مطروحة. ومع ذلك كلّه فهي مجملة ، لاحتمال كون المستتر في : « كان » للايتمام ويكون بيانا لحكم المسبوق ، كما مرّ في بحث القراءة.
خلافا للمقنع والحلبي وابن زهرة والمختلف والذخيرة (٢) ، فأوجبوا أمّا التسبيح مطلقا كالأوّل ؛ لصحيحة ابن عمّار : عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين ، فقال : « الإمام يقرأ فاتحة الكتاب ومن خلفه يسبّح » (٣).
وصحيحة الأزدي السابقة (٤). وهي وإن كانت ظاهرة في الأوليين من الإخفاتية ، إلاّ أنّ قوله : « فيقوم كأنّه حمار » ظاهر في مكروهيّة السكوت مطلقا. والكراهة وإن كانت إمّا مقابلة للحرمة أو أعمّ منها ، إلاّ أنّ الأمر بالتسبيح يعيّن إرادة الحرمة.
مضافا إلى صحيحة الحلبي : « إذا قمت في الركعتين الأخيرتين لا تقرأ فيهما فقل : الحمد لله وسبحان الله والله أكبر » (٥).
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٧٥ ـ ٨٠٠ ، الوسائل ٨ : ٣٦٢ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٢ ح ٦.
(٢) المقنع : ٣٦ ، الحلبي في الكافي : ١٤٤ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٠ ، المختلف : ١٥٨ ، الذخيرة : ٢٧١.
(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ الصلاة ب ٢٣ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٢٩٤ ـ ١١٨٥ ، الوسائل ٨ : ٣٦١ أبواب صلاة الجماعة ب ٣٢ ح ٥.
(٤) راجع ص ٨٥.
(٥) التهذيب ٢ : ٩٩ ـ ٣٧٢ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٢ ـ ١٢٠٣ ، الوسائل ٦ : ١٢٤ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥١ ح ٧.