نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله ، قال : « يأمر من يقضي عنه إن لم يحجّ ، فإنّه لا تحلّ له النساء حتى يطوف بالبيت » (١).
فإنّ تعليل الأمر بالاستنابة بهذه العلّة قرينة على أن المراد بطوافه بالبيت أعمّ من طوافه بنفسه أو بنائبه.
وعلى هذا ، فيكون قوله : « حتى يزور البيت » أو : « يطوف » دليلا آخر على المطلوب أيضا.
بل استدلّ بعضهم (٢) بالصحيحة الاولى له أيضا ، لظهور نفي الصلاحيّة في الكراهة ، ولو منع فلا أقلّ من عمومه لها وللحرمة ، فلا يكون ذلك للقول المخالف بحجّة.
أقول : أمّا الاستدلال بالصحيحة الأولى ، ففاسد ، لما أشرنا إليه من دلالة نفي الصلاحيّة على الفساد.
وأمّا الاستدلال بقوله : « حتى يزور » أو : « يطوف » بالتقريب المتقدّم ، فكذلك أيضا ، لكونه حقيقة في مباشرته بنفسه وعدم صلاحيّة ما ذكره قرينة للتجوّز فيه.
وأمّا الصحيحة الخامسة ، فلأنّه إنّما تصلح قرينة لو كان المستتر في « يطوف » راجعا إلى المقضيّ عنه ، وأمّا إذا رجع إلى القاضي فلا تكون قرينة أصلا ، سيّما إذا كان قوله : « فإنّه لا تحلّ له النساء » إلى آخره ، تفريعا لا تعليلا.
وأمّا قوله : « يأمر من يقضي عنه » فظاهر ، لأنّ تجويز الأمر بالقضاء في صورة عدم حجّه بنفسه لا يدلّ على أن المراد بقوله : « يزور » هو المعنى
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٢٤٥ ـ ١١٧٥ ، الوسائل ١٣ : ٤٠٨ أبواب الطواف ب ٥٨ ح ٨.
(٢) انظر التهذيب ٥ : ١٢٨.