ولو لاحظنا صحيحة زرارة عن الباقر عليهالسلام « إنما فرض اللّه عزّوجلّ على الناس من الجمعة الى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة ، منها صلاة واحدة فرضها اللّه عزوجل فى جماعة ، وهى الجمعة ، ووضعها عن تسعة : عن الصغير ، والكبير ، والمجنون ، والمسافر ، والعبد ، والمرأة ، والمريض ، والأعمي ، ومن كان على رأس فرسخين » (١) وجدناها تشمل بمقتضى اطلاق كلمة « الناس » الجميع الى يوم القيامة بما فى ذلك عصر الغيبة ، ولكنها لا تدل على وجوب إقامتها إبتداء بل اعمّ منه ومن وجوبها عند النداء لها ، لعدم احراز كونها فى مقام البيان إلاّ من ناحية بيان عدد الفرائض ومن تجب عليه.
وعليه ، فالمناسب الحكم بوجوب صلاة الجمعة تعيينا فى مرحلة البقاء دون الحدوث لأن الوجوب التعيينى فى مرحلة الحدوث لا دليل عليه ، فينفى بالبراءة بخلافه فى مرحلة البقاء فإنّ الدليل على ثبوته موجود.
ودعوى أنه لا يمكن الحكم بالمشروعية زمن الغيبة اما لأن شرط انعقاد الجمعة حضور الإمام عليهالسلام او من نصبه ، وهو منتف زمن الغيبة ، او لظاهر دعاء الصحيفة السجّادية : « اللهم إن هذا المقام لخلفائك واصفيائك ... قد ابتزّوها وانت المقدر لذلك ... حتى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين ... » (٢).
مدفوعة بأن الشرط المذكور اول الكلام ، بل هو منفى بعدم اشارة النصوص له.
واقصى ما يدل عليه الدّعاء أن الامام عليهالسلام احقّ بأداء الجمعة مع وجوده وأنه من مناصبه الخاصة كالقضاوة والولاية ، وهذا غير محل الكلام ، فإنه ناظر الي
__________________
١ ـ وسائل الشيعة : باب ١ من ابواب صلاة الجمعة ، حديث ١.
٢ ـ الصحيفة السجادية : رقم ٤٨.