والروايات على طائفتين : طائفةٌ تعمّ كلَّ طيب وطائفة تختص ببعض أفراده. مثال الأولي : صحيحة الحلبى ومحمدبن مسلم عن أبى عبداللّه عليهالسلام : « المحرم يمسك على أنفه من الريح الطيبة ولايمسك على أنفه من الريح الخبيثة ». (١)
ومثال الثانية : صحيحة معاوية بن عمار عن أبى عبداللّه عليهالسلام : « لاتمسَّ شيئاً من الطيب وأنت مُحرِم ولا من الدهن. وامسك على انفك من الريح الطيبة ولاتُمسك عليها من الريح المُنتِنَة ، فإنَّه لاينبغى للمُحرِم أن يلذّذ بريح طيّبة وإتَّقِ الطيب في زادك ... وإنما يَحرُم عليك من الطيب أربعة أشياء : المسك والعنبر والورس والزعفران ... ». (٢)
والجمع العرفى يقتضى تخصيص الطائفة الأولى المطلقة بالطائفة الثانية المصرِّحة بالحصر فى الأقسام المذكورة ، فتكون النتيجة هى إختصاص الحرمة بخصوص ما ذكر. هكذا قد يقال. ولعل الأوجه أن يقال : إنَّ تخصيص الأربعة المتقدمة بالذكر هو لأجل كونها الأفراد الراقية للطيب ذلك الزمان ، وفى زماننا حدثت أنواع أرقى من تلك ولانحتمل حليّتها وحرمة تلك بالخصوص بعد وضوح أنّ حرمة الأربعة ليس إلا من باب منافاة رائحتها الطيّبة لروح الإحرام. ولعل تعبير الإمام عليهالسلام فى نفس صحيحة معاوية : « فإنَّه لاينبغى للمُحرم أن يتلذّذ بريح طيّبة » واضح فى ذلك. وعليه يتعيّن الحكم بحرمة كل طيب لايقلّ شأناً من الأربعة.
٢ ـ وأمّا حرمة جميع أنحاء الاستعمال ، فلإطلاق التعليل فى صحيحة معاوية : « فإنّه لاينبغى للمحرم ان يتلذذ بريح طيّبة » ، بل وللتصريح بحرمة الأكل فيها وفي غيرها.
__________________
١ ـ وسائل الشيعة : باب ٢٤ من أبواب تروك الإحرام ، حديث ١.
٢ ـ وسائل الشيعة : باب ١٨ من أبواب تروك الاحرام ، حديث ٨.