ج ـ مدرسة بغداد أو بالأحرى مدرسة الشيخ المفيد وتلاميذه التى حاولت أن تجمع بن الاتّجاهين : التمسك بالنصوص والإستدلالات العقلية. ولعل السبب فى ذلك يعود الى تتلمذ الشيخ المفيد على روّاد كلتا المدرستين السابقتين ، فهو من تلامذة ابن الجنيد صاحب المدرسة السابقة وجعفر بن محمد بن قولويه الذى هو من قم ومن روّاد مدرستها.
وللشيخ المفيد عدّة مؤلفات : منها « المقنعة » التى شرحها الشيخ الطوسى فى كتاب باسم « تهذيب الأحكام ».
* الدور الثالث :
ويبتدأ هذا الدور من فترة زعامة الشيخ الطوسى وإلى الفترة الحاضرة. والظاهرة البارزة فى هذا الدور تحول الفقه من تدوينه كمتون فقهية موافقة للنصوص فى الفاظها إلى التدوين بلا تقيّد بالفاظها ومع التعدى بذكر تفريعات جديدة لا وجود لها فيها ، كل ذلك مع الإستدلال المتكامل بالنصوص والقواعد الأصولية العقلية.
واول ما وصل بايدينا من نتاج هذا الدور كتاب المبسوط للشيخ الطوسى قدسسره.
وهو فى مقدمة الكتاب قد اشار الى ذلك وأنَّ المخالفين لازالوا يستخفون بنا وينسبون لنا قلّة التفريعات والمسائل مدَّعين أنَّ من لايعمل بالقياس والاجتهاد ليس باستطاعته تكثير المسائل والتفريع على الأصول. ثم أضاف قائلاً : « وكنت من قديم الزمان متشوقا الى ذلك ولكن يعوقنى قلّة رغبة هذه الطائفة فيه وترك عنايتهم به ، لأنهم الّفوا الاخبار وما رووه من صريح الألفاظ حتى ان مسألة لو غيّر لفظها وعُبِّر عن معناها بغير اللفظ المعتاد لهم لعجبوا منها وقصر فهمهم عنها ». ثم قال : « وإنّى كنت قد الَّفت النهاية بالالفاظ المنقولة حتى لا يستوحشوا من ذلك »