قرّرناه في منع الإطلاق (١) أخبار الاستصحاب غير متطرّق إلى إطلاق هذه الأخبار ، ولو لا ذلك لالتزمنا بالإطلاق هناك أيضا.
فاتّضح بما قرّرناه : أن الأصل المثبت بالمعنى المذكور إن كان استصحابا لم يعتبر ، وإن كان أصل العدم بالاعتبار الذي ذكرنا كان معتبرا ، هذا تحقيق ما أدّي إليه نظري سابقا.
والذي أدّي إليه نظري لاحقا فساد هذا الوجه ؛ فإن الظاهر من أخبار الوضع والرّفع وما في معناهما : إنما هو وضع المؤاخذة والعقوبة ورفعهما ، فيدلّ على رفع الوجوب والتحريم الفعليّين في حقّ الجاهل دون غيرهما وحملهما على رفع نفس الحكم وتعميمه إلى حكم الوضع مع بعده عن سياق الرواية مناف لما تقرر عند الأصحاب : من أن أحكام الوضع لا تدور مدار العلم ، بل ولا العقل والبلوغ.
ولهذا تراهم يحكمون في مباحث الفقه بترتّب أحكامها الوضعيّة كالحدث بأنواعه ، والطهارة ، والنجاسة ، والملكيّة ، المتعلّقة بالعين والمنفعة بأقسامها المقررة ، والضمان ، والخيارات ، والصحة ، والبطلان ، إلى غير ذلك مما لا يحصى على الصغير ، والمجنون ، والجاهل ، والعاقل ، إلاّ فيما شذّ وندر.
وبالجملة : فالذي يظهر من اتفاقهم : أن الأصل في أحكام الوضع عمومها للعالم وغيره ، وأن الخروج من هذا الأصل في بعض الموارد النّادرة إنّما هو
__________________
(١) كذا والظاهر : إطلاق.