الأقل والأكثر ، إلاّ أنا نقطع بأن الحكم تعلّق بما هو المراد من اللفظ والمقصود منه ، فالتكليف قد تعلّق وتنجّز بما هو مبين مفهوما ، أي : المراد أو ما يؤول إليه من المفاهيم المبيّنة من المقصود والمفهوم والمدلول والموضوع له والمعنى ونحوها ؛ ضرورة كون هذه العنوانات مبيّنة من حيث المفهوم قد شكّ في صدقها على الأقلّ أو الأكثر ، فيجب الإتيان بالثاني تحصيلا للبراءة اليقينيّة عمّا اشتغلت الذمّة به قطعا ، فقد حصل الفرق بين المسألتين ، أي : عدم النصّ وما أجمل فيه وعدم وجود الخطاب التفصيلي في المسألة ووجوده فيها ، وبطل القول بعدم الفرق بينهما هذا.
ولكنك خبير بأنه توهّم فاسد وتمحّل بارد كما صرّح به شيخنا قدسسره أيضا ؛ لأن التكليف لم يتعلّق بمفاهيم الألفاظ المذكورة حتى يقال : إن متعلّق التكليف مبيّن مفهوما دار الأمر في مصداقه بين الأقل والأكثر ، كيف! ولو كان كذلك خرج الفرض عن إجمال النصّ ، بل إنّما تعلّق بمصاديقها المردّدة ؛ حيث إن اللفظ وضع لها لا لتلك المفاهيم المنتزعة عنها بالاعتبارات المختلفة ، بل التحقيق : عدم إمكان وضع اللفظ لها لتأخّرها عن الوضع بمرتبة أو بمرتبتين أو بمراتب ، فكيف يمكن مع ذلك وضع اللفظ لها ؛ فإن اتصاف المعنى الذي وضع له اللفظ بالموضوع له بعد الوضع ، وبالمستعمل فيه بعد الوضع والاستعمال ، وبالمراد والمقصود بعد الوضع والاستعمال والإرادة وهكذا.
فإذن يستحيل تعلّق التكليف المستفاد من اللفظ بتلك المفاهيم المتأخرة عن الوضع ، كما أنه يمتنع وضع اللفظ لها ، فالموضوع له الذي تعلّق به التكليف