وقد وقع نظير التوهّم المذكور لبعض المتأخرين في قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) في قبال المتمسّكين بالآية الشريفة على اللزوم والصحّة ؛ حيث زعم : أنه لا يجوز التمسّك بالآية الشريفة على اللزوم إلاّ بعد إحراز صحة العقد من الخارج ومن دليل آخر ؛ نظرا إلى أن المراد من العقد الذي تعلّق الأمر بوفائه هو الصحيح فلا يمكن إحرازه من نفس الأمر.
ويظهر فساده أيضا مما ذكرنا : من عدم إرادة الصحّة من اللفظ بأحد الوجهين المتقدّمين فيستكشف من لزوم العقد صحّته بالدلالة الالتزاميّة التبعيّة بعد ثبوت الملازمة المسلّمة.
وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في فساد التوهم المذكور في المقام ؛ لما عرفت ، مضافا إلى استلزامه لعدم جواز التمسّك بشيء من الإطلاقات بل العمومات الواردة في الكتاب والسنّة في أبواب الفقه من أوّله إلى آخره حتى المعاملات بالمعنى الأعمّ ، وظهور الملازمة كفساد التالي مما لا يحتاج إلى البيان أصلا.
وقد أشرنا إلى سريان التوهّم المذكور إلى الآية الشريفة ؛ فإنه بناء على التوهّم المذكور إذا أريد التمسّك بإطلاق قوله تعالى : ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٢) أو
__________________
(١) المائدة : ١.
(٢) البقرة : ٢٧٥.