من غير فرق بين الموارد ، ولا يحصل العلم بالفراغ من هذا التكليف النفسي إلاّ بإتيان الأكثر ؛ فإنه على تقدير وجوب الأكثر يكون فعل الأقلّ لغوا.
فلا يقال : إن القدر الثابت هو وجوب الأقل ، ووجوب الزائد مشكوك ، فالاشتغال اليقيني إنّما هو بالنسبة إليه ، وأمّا الأكثر فاشتغال الذمة بالنسبة إليه مشكوك فيرجع إلى البراءة كما يرجع إليها بالنسبة إلى الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ؛ ضرورة منافاته لفرض الدوران في المقام ؛ فإن الثابت هو وجوب الأقلّ بالمعنى الأعمّ لا وجوبه بالوجوب النفسي وإلاّ لم يكن الواجب النفسي مردّدا بين الأمرين ولا يعلم حصول البراءة من الواجب النفسي بفعل الأقل ، ومنه يظهر : فساد قياس المقام بالأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ؛ فإن الأقلّ فيه واجب نفسيّ من غير أن يكون له ارتباط بالأكثر أصلا.
ثانيها : استصحاب الاشتغال اليقيني بالطبيعة المردّدة بين الأقل والأكثر ؛ حيث إنه لا يعلم بكون فعل الأقلّ رافعا له فيحتمل بقاؤه.
قال المحقّق المحشي قدسسره في تقريب الاستصحاب : « إنه لا شكّ في اشتغال ذمّة المكلّف بتلك العبادة المعيّنة وحصول البراءة بفعل الأقلّ غير معلوم لاحتمال الاشتغال بالأكثر فيستصحب إلى أن تبيّن الفراغ » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
ومثل الاستصحاب المذكور : استصحاب بقاء الوجوب والتكليف ،
__________________
(١) هداية المسترشدين : ج ٣ / ٥٦٥.