ووجه الأول :
أمّا على القول بالبراءة في مسألة دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر : فلأن كلاّ من الاحتمالين سبب لحكم العقل والنقل بالبراءة فيه ، بمعنى كون الشكّ في كلّ منهما موردا لدليل البراءة من غير تأثير لانضمام الآخر إليه أصلا ؛ فإن غاية ما يحصل من الانضمام هو العلم الإجمالي باعتبار واحد من الفعل والترك ، وهو غير مؤثر في وجوب الاحتياط من حيث عدم خلو المكلّف عنه قهرا ، فلا يقاس بالعلم الإجمالي الحاصل في المتباينين ، فلا يمنع من الرجوع إلى البراءة بعد عدم إمكان المخالفة القطعية العملية ، ولا يلزم منه المخالفة الالتزاميّة أيضا ؛ فإن الالتزام بالبراءة في مرحلة الظاهر لا ينافي الالتزام بأحد المحتملين في مرحلة الواقع على نحو ثبوته ، ولا دليل على وجوب الالتزام في مرحلة الظاهر بما يحتمل موافقته للواقع ، بل هو تشريع محرم فيما لم يقم هناك دليل عليه.
وأمّا على القول بالاحتياط في تلك المسألة : فلأن إيجابه في المقام موجب للحكم بتكرار العبادة ، وهو موجب لإلقاء نيّة الوجه المعتبرة في العبادة ، فلا يتحقّق موضوع الاحتياط في المقام حقيقة.
فإن شئت قلت : إن رعاية الشرط المحتمل في المقام وكذا المانع موجب لرفع اليد عن الشرط المحتمل الآخر والمحقق ، فلا بدّ من رفع اليد عن شرطيّته. ومن هنا التزم « الحلّي » في مسألة اشتباه الساتر بسقوط شرطيّة الستر والصلاة