مع أن الاحتياط مع وجود ما يشخّص حكم الواقعة لا إشكال ، بل لا خلاف في حسنه ورجحانه وتحقّق موضوعه ، وإن ذهب الوهم إلى عدم مشروعيّته في العبادات الصحيحة ظاهرا : من حيث توقّف مشروعيّة العبادة على العلم بالأمر الشرعي ، ولا يكفي حسن الاحتياط والأمر المتعلّق به من حيث توقّف الاحتياط موضوعا على الأمر في العبادات ، فلا يمكن إثباته بأمر الاحتياط. مضافا إلى كونه إرشاديا كما تقدّم شرح القول فيه وفي فساده في مطاوي كلماتنا السابقة.
ثمّ إن ما أفاده في حكم الاحتياط : من أنه ليس له شرط أصلا حيث إن حسنه العقلي والشرعي ورجحانه الذاتي لا ينفكّ عن موضوعه ، وهو إحراز الواقع على تقدير ثبوته ، أو التحرّز عن مخالفة الواقع الذي يرجع إلى الأول باعتبار ، وأنه لو قيل بتقدّم تحصيل الطريق الشرعي عليه ، أو تحصيل العلم عليه مطلقا أو في الجملة في العبادات ، فإنّما هو من جهة أخذ ما يوجب إعماله إلقاءه في العبادة ، فليس هنا احتياط وإحراز للواقع حقيقة مما لا يعتريه شكّ وريب أصلا.
ومن هنا وقع الاتفاق عليه بالنسبة إلى التوصّليات حتى مع التمكّن من العلم التفصيلي فضلا عن الطريق الشرعي ، ولو بالنسبة إلى التعبّديات ـ من غير الحلّي (١) ـ فيما لا يتمكن من الطريق أصلا ، وإن توقف على التكرار. وهذا بخلاف
__________________
(١) في السرائر الحاوي للفتاوي : ج ١ / ١٨٥.