وثانيا : سلمنا كون مقتضى الابتناء المذكور تعلّق التكليف الواقعي النفس الأمري بتحصيل المصلحة وإيجادها ، لكن نمنع من اقتضائه وجوب الاحتياط في المقام ؛ نظرا إلى كون المحصّل شرعيّا ، فيجب بيانه على الحكيم تعالى. فإذا كان مردّدا بين الأقلّ والأكثر فيرجع إلى البراءة بالنسبة إلى الزائد ، وهذا نظير الأمر بالوضوء والغسل المحصّلين للطهور مع كونه شرطا للصّلاة إذا فرض الشكّ في جزئيّة شيء للوضوء مثلا ، فإنا نحكم فيه بالبراءة ولا نوجب الاحتياط. وهذا إن كان مخالفا لما أطلقه شيخنا قدسسره في المسألة الرابعة أو لما صرّح به ، إلاّ أنه الحق الذي لا محيص عنه وسيأتي له مزيد بيان في تلك المسألة.
وممّا ذكرنا كله يظهر : فساد التمسّك بما ذكره المتكلّمون : من كون الواجبات السمعيّة ألطاف في الواجبات العقليّة لإيجاب الاحتياط في المقام ؛ نظرا إلى كون اللطف واجبا أوليّا حقيقة أو غرضا من تشريع الواجبات السمعيّة على نحو ما عرفت في تقريب الاستدلال بالابتناء المذكور هذا. وسيأتي بعض الكلام فيه ، مضافا إلي ما عرفته عند تكلم شيخنا الأستاذ العلامة قدسسره عليه.
وأمّا الوجه الخامس الذي استند إليه الشيخ الفاضل في « الفصول » فمرجعه في الحقيقة إلى التمسّك بالوجه الأوّل مبنيّا على منع جريان دليل البراءة في المقام حقيقة ؛ من جهة عدم مساعدته لإثبات كون الماهيّة هي الأقلّ الذي هو مبنى عدم جريان قاعدة الاشتغال بزعمه ، وإن سلّم نهوضه لنفي الوجوب الغيري كنفي الوجوب النفسي المستقل.