الثاني : ما دلّ على مؤاخذة الجهّال والذم بفعل المعاصي المجهولة ، وهو أيضا لا تحصى كثرة. منها : ما في « الكتاب » ودلالته على المدّعى في كمال الوضوح ؛ فإن العقاب على الواقع المجهول يلازم عدم جواز الرجوع إلى الأصل عند الشكّ ومعذوريّة الجاهل عند الشارع ، وإلاّ قبح عقابه. وهو بتمامه وإن لم يكن مختصّا بالجاهل البسيط إلاّ أنه يشمله قطعا.
هذا وإن كان ملازما لحكم العقل بوجوب تحصيل العلم على الجاهل الغير المريد للاحتياط من جهة استقلاله في الحكم بوجوب دفع الضرر المحتمل ، إلاّ أن الاستدلال به ليس مبنيّا عليه ، كما ربّما يتوهّمه المتوهّم من ظاهر عبارة « الكتاب » ، بل على ما ذكرنا من التقريب.
وليس المقصود مما أفاده قدسسره بقوله المستلزم لوجوب تحصيل العلم بحكم العقل بوجوب التحرز عن مضرّة العقاب ابتناء الدليل عليه ، بل بيان اللازم الواقعي
__________________
الفحص وشرطيّته في العمل بالأصل وإن هو من هذه الجهة إلاّ مثل ما دلّ على حجّيّة الأمارات في الموضوعات الخارجيّة.
نعم ، ما دلّ منه على وجوب السؤال عن الرّواة وأصحابهم والعلماء عند الجهل بحكم الواقعة يدلّ على المنع عن الرّجوع إلى الأصل قبل الفحص كما هو ظاهر.
فالإستدلال يستقيم ببعض ما دلّ على حجّيّة الطرق الظنّيّة لا بتمامه فتدبّر.
« منه دام ظلّه العالي »