له كما عرفت ، وهذا أمر ظاهر عند من له أدنى تأمّل.
الثالث : حكم العقل بعدم معذورية الجاهل في مخالفة الحكم الواقعي المجهول قبل الفحص عنه ، ولا إشكال في استقلال العقل في ذلك بعد العلم بأن بناء الشارع على تبليغ الأحكام وبيانها للمكلّفين على الوجه المتعارف المقتضي لاختفائها لو لا الفحص.
وعدم جريان عادة الله « تبارك وتعالى » على إفاضة العلم بالأحكام على قلب كل مكلّف قهرا بالإلهام ونحوه ، وإلاّ لما جهل أحد بالحكم الشرعي. وهو باطل بالضرورة والوجدان ، وعدم أمره الوسائط من الأنبياء والأوصياء والحجج بتبليغ الأحكام إليهم بمقتضى قدرة النبوّة والولاية ، بل أمرهم ببيانها لهم على النحو المعتاد حسبما يقتضيه المصلحة بحسب الأزمنة ، وإيجابهم تبليغ الحاضرين الغائبين ومن وصلت إليهم بالوسائط غيرهم وهكذا بحيث لو لم يقصّر أحد في تكليفه بالتعليم والتعلّم لم يبق جاهل بحكم الله تعالى وإن اختلف كيفيّة الفحص قبل إكمال الدين وبعده.
فإنها قبل إكمال الدين يكون بحضور مجلس النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم المعدّ لبيان الأحكام ، فإن بيّن حكم الواقعة على خلاف البراءة فهو ، وإلاّ فيرجع إلى البراءة ؛ حيث إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مأمورا ببيان الأحكام تدريجا حسب اقتضاء المصلحة ـ على