على كل مكلّف ـ في حكم الشارع ـ إنّما هو من باب الإرشاد والطريقيّة ، كحكم العقل بوجوبه بالنسبة إليها كيلا يفوت منه الواقع ، وإن كانت له جهة نفسيّة كفائيّة من حيث حفظ الأحكام عن الاندراس وإن كان الغرض منه التعليم وإرشاد الجاهلين.
وهذا المعنى وإن كان خلاف ظاهر جملة مما ورد فيه في باديء النظر ، إلاّ أنّه يعلم إرادته من ملاحظة مجموع ما ورد فيه سيما ما ورد في تفسير قوله تعالى :
( فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) (١) وقد تقدّم نقله في « الكتاب » فلا بد من صرف ما يظهر منه خلافه ، وقد تقدّم منّا شطر من الكلام في وجوه مطلوبيّة العلم وعنواناته في الجزء الأوّل من التعليقة فلا نعيد القول فيه.
كما أنه تقدّم الكلام من شيخنا الأستاذ العلامة قدسسره ومنّا في قبح التجرّي أيضا وأن الذمّ فيه يرجع إلى الفاعل لا إلى الفعل حتى في التجرّي على المعصية مع العلم فضلا عن الاحتمال الذي لا يعذر فيه الفاعل.
وأمّا ما ذكره الشيخ وأبو المكارم وغيرهما « قدّس الله أسرارهم » : « من أن الإقدام على ما لا يؤمن كونه مضرّة في حكم العقل كالإقدام على ما يعلم فيه المضرّة (٢) » فهو صحيح لا ريب فيه أصلا في الجملة ، إلاّ أن حكم العقل بعدم جواز
__________________
(١) الأنعام : ١٤٩.
(٢) عدّة الأصول : ج ٢ : ٧٤٢ ـ ٧٤٣ والغنية ( الجوامع الفقهيّة ) ٤٨٦.