الإقدام على محتمل الضرر الأخروي ووجوب دفعه حكم إرشاديّ صرف ، لا يترتّب على مخالفته وموافقته غير الضرر المحتمل على تقدير ثبوته وعدمه على هذا التقدير ، بل الأمر كذلك في الضرر الأخروي المقطوع ، بل حكم الشارع فيهما أيضا لا يمكن إلاّ أن يكون إرشاديا.
وليس مراد الشيخ ومن وافقه من القضية المذكورة إلاّ ما ذكرنا : من إثبات أصل حكم العقل بعدم جواز الإقدام ، فينفع في الحكم بعدم المعذوريّة على تقدير ثبوت الضرر في نفس الأمر. وأين هذا من الحكم باستحقاق المؤاخذة على مجرّد مخالفة الحكم المذكور؟
نعم ، يثمر في تحقّق التجري ؛ فإن الجاهل لو كان معذورا في مخالفة الواقع لم يتحقّق في حقه التجرّي ، بخلاف ما لو لم يكن معذورا ، هذا إذا أريد من الضرر ما يتعلّق بالآخرة كما هو الظاهر.
وإن أريد منه الضّرر الدنيوي وإن لم يكن له تعلّق بالمقام على هذا التقدير : فيتوجّه عليه ـ بعد تسليم الصغرى والكبرى مع تطرق المنع إليهما في الجملة ـ : إن حكم العقل في المحتمل منه أيضا إرشاديّ لا يترتّب على مخالفته عقاب ، وهذا بخلاف حكمه في المقطوع ؛ فإنه وإن كان إرشاديّا أيضا كما هو الشأن في جميع أحكامه ، إلاّ أنه مستتبع لحكم شرعيّ مولويّ والفرق بينهما ظاهر فتأمل.
فلا بدّ أن يكون مراد الشيخ قدسسره وتابعيه أيضا من المقايسة إثبات أصل الحكم لا كيفيّته ، هذا مع إمكان أن يقال : إن الإقدام على الضرر المعلوم إذا فرض