الحكمة في إيجابه لنفسه صيرورة المكلف قابلا لتوجّه التكليف بالمعلومات إليه ، وعدم فوت مصالحها عنه ؛ فإن هذا المعنى لا ينافي الوجوب النفسي ، كما هو الشأن في كثير من الواجبات النفسيّة ، كالأمر بالمعروف ووجوب التبليغ والإرشاد وغير ذلك ، بل تمام الواجبات السمعيّة على ما تسالموا عليه : من كون وجوبها من حيث كونها ألطافا في الواجبات العقليّة ، فملاحظة الغير لا ينافي النفسيّة.
ثمّ على القول بوجوبه النفسي لا إشكال في ترتّب استحقاق العقاب على تركه من حيث هو ، وإن كان هناك استحقاق آخر على ترك المعلومات فيما لو فرض عدم معذوريّة المكلف في تركها. وأمّا على القول بوجوبه الغيري بالمعنى الذي عرفته فيمكن أن يلتزم باستحقاق العقاب على تركه على القول باستحقاق العقاب على ترك المقدّمة زائدا على الاستحقاق المترتّب على مخالفة الأمر المتعلق بذي المقدّمة المترتّبة على تركها. ويمكن القول بعدم استحقاق عقاب على تركه على هذا القول ؛ نظرا إلى كون وجوبه إرشاديّا محضا.
ثمّ إن لهم كلاما في بحث وجوب المقدّمة على القول بعدم تحقّق العقاب فيما أفضى تركها إلى ترك ذيها بحيث لا يقدر على فعله بإتيانها ، وهو : أن العصيان للمولى متقوّم حقيقة بترك المقدّمة ، وإن كان العقاب على مخالفة الأمر بذيها الحاصلة بتركها.
ثمّ على القول : بأن المعاقب عليه هو ترك ذي المقدّمة ، اختلفوا في زمان الاستحقاق ، وأنه هل زمان ترك المقدّمة ، أو ينتظر زمان ترك ذي المقدّمة فيما كان