ملاحظة المصلحة في الجملة ، وكونه معتبرا من حيث الكشف والطريقيّة المحضة كالظنّ المطلق على القول به من جهة دليل الانسداد ونحوه ـ مما تقدّم تفصيل الكلام فيه ـ فيناط بمخالفته في الأول دون الثاني ، وستقف على وجهه في طيّ بيان الوجه للوجوه الأربعة.
ثمّ إن ما أفاده قدسسره في بيان الوجه الأول المختار عندنا وعند المحققين ظاهر ، وإن كانت العبارة لا تخلو عن قصور في بيانه.
وتوضيحه : أنا قد أسمعناك مرارا كثيرة : أن تنجّز الخطابات الإلزاميّة الواقعيّة في حقّ القادر على موافقتها ولو بالاحتياط إنّما هو بمجرّد الالتفات والاحتمال ، وليس المعذور في مخالفتها إلاّ الصنفين :
أحدهما : المتفحّص عنها بقدر وسعه بحيث يحصل شرط الرجوع إلى البراءة.
ثانيهما : من استند في مخالفتها إلى العمل بالطريق المعتبر من جميع الجهات ، فمجرّد وجود الطريق المخالف للحكم الواقعي في الواقع لا يجدي في المعذوريّة وإن كان حكما ظاهريّا ثابتا في حقّه مع جهله به ، بل الطريق المعثور عليه المخالف له لا يجدي في المعذوريّة أيضا وإن كان حكما له ، بل الطريق المخالف له المعثور عليه إذا كان العمل مطابقا له من دون استناد إليه لا يجدي أيضا ؛ لأن الموجب للمعذوريّة في حكم العقل هو العمل بالطريق بمعنى الاستناد إليه على ما عرفته مرارا فيما حكم بحجيّته من الظنون وما حكم بحرمته ؛ فإنك قد عرفت ثمّة : أن مجرّد الموافقة الاتفاقيّة لا يعدّ عملا بالظّنّ أصلا هذا.