الجاهل في الموضعين من حيث التكليف والمؤاخذة على ما استظهره من كلماتهم ، مع عدم منافاته لدليل المعذورية في الموضعين ؛ فإنه ساكت عن بيان المعذوريّة من الحيثية المذكورة لا أنه ناطق بعدم معذوريّته من الحيثيّة المزبورة ، كما ربّما يتوهّم من ظاهر كلام شيخنا قدسسره ، ولكن ستقف في مطاوي كلماتنا على عدم ابتناء توجّه الإشكال على عدم معذوريّة الجاهل في محلّ الاستثناء من
__________________
تمام المصلحة التامة فيسقطان بذلك فيعاقب عليه ، ولو انكشف الحال في الوقت لتفويته عليه بتقصيره ما لزم عليه استيفاءه وهو بعض تلك المصلحة التامّة ولمّا لم يكن المأتي به مسقطا صرفا كالسفر ، بل قائما بمعظم ما يقوم الواجب به بحيث لم يكن مانع عن ايجابه إلاّ قيام الواجب بمصلحته مع الزيادة اللازمة ، كان اتصافه بالصحّة والتماميّة في محله.
إن قلت : فعلى هذا يكون ما أتى به مبغوضا فيما إذا انكشف الحال في الوقت لتفويته الواجب عليه ومعه لا يكون مقرّبا وهو ممّا لا بد منه في صحّة ما يكون مطلوبا على نحو العبادة.
قلت : ليس التفويت في هذه الصورة أيضا بسببه لما حقّق في محلّه : من انتفاء التوقّف والعلّيّة بين وجود أحد الضدّين وعدم الآخر وقضيّة التضاد إنما هو التلازم بين وجود احدهما وعدم الآخر ، فيكون عدم الواجب كوجود المأتي به في هذه الصورة كسائر الصور مستندا إلى تقصيره ، فلا يقع المأتي به إلاّ محبوبا لما هو عليه من المصلحة التامّة في نفسها ولو انكشف الخلاف في الوقت.
وبذلك قد ارتفع الإشكال وحصل التوفيق بين استحقاق العقاب على القصر أو الجهر في مقامهما إذا صلّى إتماما أو إخفاتا ولو انكشف الخلاف في الوقت ، وبين صحّة ما أتى به من الصلاة مع عدم كونه مأمورا به فعلا وعليك بالتأمّل التام في المقام » إنتهى.
أنظر درر الفوائد : ٢٧٦.