فإن هذا أمر واقع في الشرعيّات ولم يخالف فيه أحد ولا دخل له بمسألة تصحيح الضدّ ؛ فإن البحث فيما كان الأمر بالمضيق باقيا حتى يوجب النهي عن ضدّه ، فلو فرض عصيانه في أول أوقات إمكانه ، كما في الأمر بإزالة النجاسة عن المسجد ونحوه ممّا كان فورا ففورا.
وبالجملة : التّرتّب بتحقّق المعصية في الخارج لا مجال لإنكاره ووقوعه في الشرعيّات ، ولكنّه لا دخل له بما ذكره ولا ينفعهم في شيء.
وثانيا : أنه على فرض كفاية الترتّب القصدي في إمكان توجيه الأمرين ورفع قبحه بالنسبة إلى غير المقام من مسألة الضدّ ، أو الأهمّ وغيره ، لا يمكن إجراؤه في المقام وأشباهه ؛ ضرورة عدم إمكان أخذ العزم على معصية الخطاب بالقصر في الخطاب بالتمام في حق الجاهل بوجوب القصر في السفر ؛ فإنه يوجب رفع موضوع الخطاب وهو الجاهل ؛ فإنه لم يقل أحد بصحّة صلاة التمام في حقّ المسافر مع علمه بوجوب القصر في السفر إذا عزم على معصية الأمر بالقصر ، بل هو خلاف صريح أخباره أيضا حسبما عرفت.
فإن قلت : الجاهل العازم على التمام مثلا عازم على ترك القصر ومعصية الأمر المتعلّق به فيما كان مقصّرا في نفس الأمر ، وإن لم يكن ملتفتا إلى كون عزمه على تركه عرفا على معصية الأمر المتعلّق به من حيث اعتقاده بعدم وجوبه ، وهذا المقدار كاف في تحقّق شرط توجيه الأمر بالتمام.