قلت ـ بعد تسليم تحقّق العزم على معصية الأمر بالقصر في حقّ المعتقد بعدم وجوبه ـ : إنا ذكرنا سابقا : أن العنوان المأخوذ في موضوع الأمر لا بد أن يكون قابلا لأن يتحقّق في حق المكلّف مع التفاته إليه وإن لم يكن فعلية الالتفات شرطا ، والعزم على معصية الخطاب بالقصر ليس قابلا لذلك من حيث كون الالتفات إليه موجبا لرفع جهل المكلف على ما عرفت.
فإن قلت : قد ذكرت : أن الجاهل في الفرض عاص من جهة الأمر بالقصر من حيث عدم إمكان الامتثال منه ، فالأمر بالتمام إنّما يتوجّه إليه بعد تحقّق معصية الأمر بالقصر وارتفاعه ، وذكرت : أن التّرتب على الوجه المذكور لا قادح فيه أصلا.
قلت : تحقّق معصية الخطاب بالقصر من الجاهل إنّما هو من جهة تركه المستند إلى جهله ، فلا يمكن أن يؤخذ في عنوان الخطاب من حيث استلزامه لرفع الخطاب إذا التفت إليه على ما عرفت بيانه.
فقد تبيّن ممّا ذكرنا كلّه : أن ما أفاده في رفع الإشكال من التّرتّب القصدي ـ مع كونه غير تامّ في نفسه ـ لا معنى لتفريع المقام عليه ، فانحصر دفع الإشكال بالالتزام بالوجه الثاني ، وهو : كشف الدليل القائم على الاجتزاء عن وجود المصلحة المحصّلة للغرض ، مع عدم تعلّق الأمر بالمأتي به أصلا على ما عرفت شرح القول فيه.