وأمّا مسألة الاشتغال بغير الأهمّ مع الأمر بالأهمّ ، فلا إشكال عندنا في الحكم بالبطلان فيها بعد تضعيف ما ذكره هؤلاء الأساطين.
نعم ، إذا غفل عن الأهمّ واشتغل بغيره يمكن الحكم بصحّته بعد قيام الدليل ؛ نظرا إلى ما عرفت في حكم المقام ، بل يمكن الحكم بالصحّة عند الغفلة من دون حاجة إلى قيام الدليل عليه من الخارج ؛ نظرا إلى أن المزاحم هو الأمر بالأهمّ وقد ارتفع بالغفلة ، ولا قصور في فعل غير الأهمّ من جهة المصلحة ، فيكون الإتيان به مجزيا فتأمّل.
وأمّا مسألة الضدّ فالمصحّح لها تعلّق الأمر به وعدم اقتضاء الأمر بضدّه المضيق النهي عنه من حيث منع مقدميّة أحد الضدّين لوجود الآخر ، وإنّما المسلّم عندنا مقدّميّة رفع أحد الضدّين المتشاغل به المحلّ للضدّ الآخر ، وهو لا يجدي نفعا للحكم بفساد الضدّ في محلّ البحث أصلا على ما فصّلناه في محلّه ، فلا أمر هنا حتى يتولّد منه النهي عن الفعل وإن كان على تقدير تحقّقه مقتضيا للفساد ، وإن كان تبعا غيريّا.
لا يقال : إن الأمر بالشيء وإن لم يقتض النهي عن ضدّه ؛ نظرا إلى منع مقدميّة تركه للمأمور به بناء على المنع المذكور (١) ، إلاّ أنه يقتضي عدم الأمر به على ما ذكره الشيخ البهائي قدسسره ؛ نظرا إلى امتناع الجمع بينهما في زمان واحد من جهة تضادّهما وتمانعهما ، فلا يمكن تعلّق الأمر بهما معا في الزمان الواحد ، وإن كان أحدهما موسّعا والآخر مضيّقا ؛ لاشتراط القدرة في التكليف من غير فرق بين
__________________
(١) أي منع مقدّميّته أحد الضدّين لوجود الآخر ( منه دام ظلّه ).