الناظر إلى ما نقلوه صدور الاشتباه منه ، وجعل أصل البراءة أعمّ من أصالة النفي وأصالة عدم تقدّم الحادث ، أو أنه تمحّل وتكلّف وجعل أصالة عدم البلوغ أو عدم تقدّم الكرّ نظير أصل البراءة في كلامه ، فلا بدّ أولا من نقل كلامه المتعلّق بالمقام بألفاظه ، ثمّ بيان المراد منه ثم تعقيبه بذكر ما يتطرّق إليه من المناقشات.
قال قدسسره ـ بعد بيان معنى الأصل وإطلاقاته وذكر جملة من الأصول ـ ما هذا لفظه :
« واعلم : أنّ هنا قسما من الأصل ، كثيرا مّا يستعمله الفقهاء ، وهو : أصالة عدم الشيء ، وأصالة عدم تقدّم الحادث ، بل هما قسمان.
والتحقيق : أن الاستدلال بالأصل بمعنى النفي والعدم ، إنّما يصحّ على نفي الحكم الشرعي ، بمعنى : عدم ثبوت التكليف لا على إثبات الحكم الشرعي ، ولذا لم يذكره الأصوليّون في الأدلّة الشرعيّة. وهذا يشترك فيه جميع أقسام الأصول المذكورة.
مثلا : إذا كان أصالة البراءة مستلزمة لشغل الذمّة من جهة أخرى ، فحينئذ لا يصحّ الاستدلال بها كما إذا علم نجاسة أحد الإناءين واشتبه بالآخر ؛ فإنّ الاستدلال بأصالة عدم وجوب الاجتناب من أحدهما بعينه لو صحّ يستلزم وجوب الاجتناب من الآخر ، وكذا في الثوبين المشتبه طاهرهما بنجسهما ، والزوجة المشتبهة بالأجنبيّة ، والحلال المشتبه بالحرام المحصور ونحو ذلك.