وكذا أصالة العدم كأن يقال : الأصل عدم نجاسته هذا الماء ، أو هذا الثوب فلا يجب الاجتناب عنه ، إلاّ إذا كان شاغلا للذمّة كأن يقال في الماء الملاقي للنجاسة المشكوك كريّته : الأصل عدم بلوغه كرّا فيجب الاجتناب عنه. وكذا في أصالة عدم تقدّم الحادث فيصحّ أن يقال في الماء الذي وجد فيه نجاسة بعد الاستعمال ولم يعلم هل وقعت النجاسة قبل الاستعمال أو بعده : الأصل عدم تقدّم النجاسة فلا يجب غسل ما لاقى ذلك الماء قبل رؤية النجاسة ، ولا يصحّ إذا كان شاغلا للذمّة ، كما إذا استعملنا ماء ثمّ ظهر أن الماء كان قبل ذلك نجسا ، ثم طهر بإلقاء كرّ عليه دفعة ، ولم يعلم أن الاستعمال كان قبل تطهيره أو بعده ، فلا يصحّ أن يقال : الأصل
عدم تقدّم تطهيره ، فيجب إعادة غسل ما لاقى ذلك الاستعمال ؛ لأنه إثبات حكم بلا دليل ؛ فإن حجيّة الأصل في المنفي باعتبار قبح تكليف الغافل ووجوب إعلام المكلّف بالتكليف ، فلذا يحكم ببراءة الذمّة عند عدم الدليل فلو ثبت حكم شرعيّ بالأصل لزم إثبات حكم شرعي من غير دليل وهو باطل إجماعا » (١). انتهى كلامه رفع مقامه في المقام.
وقال في ذيل مسألة البراءة :
« واعلم أن لجواز التمسّك بأصالة براءة الذمّة ، وبأصالة العدم ، وبأصالة عدم تقدّم الحادث شروطا : أحدها : ما مرّ من عدم استلزامه لثبوت حكم شرعي من
__________________
(١) الوافية : ١٨٦.