فالحكم بعدم تقدّم النجاسة على الاستعمال من جهة الأصل للحكم بعدم وجوب غسل الملاقي صحيح ، وأمّا الحكم بعدم تقدّم المتطهّر للحكم بوجوب إعادة غسل الملاقي فغير صحيح من حيث لزومه الإثبات وشغل الذمّة ، هذا كلامه ومحصّل مرامه.
ولكنك خبير بأن ما ذكره قدسسره بظاهره لا يخلو عن مناقشة ؛ فإنه إذا فرض هناك حكم شرعيّ مترتّب على مجرى الأصول المذكورة وغيرها من الأصول العدميّة ترتّبا أوّليّا بحيث كان محمولا عليه شرعا من دون توسيط أمر آخر فأيّ مانع من الحكم بترتيبه ظاهرا بعد البناء على العدم؟ وأيّ فرق بين الأصل الوجودي والعدميّ في ذلك؟
فإنه لا معنى لحكم الشارع بالبناء على عدم الشيء في مرحلة الظاهر إلاّ جعل آثاره الشرعيّة في هذه المرحلة ولم يكن له معنى غير ذلك كما أنه لا معنى لحكم الشارع بالبناء على وجود الشيء إلاّ جعل آثاره الشرعيّة في مرحلة الظاهر إذا لم يكن نفسه من المجعولات الشرعيّة ، وجعل نفسه في مرحلة الظاهر إذا كان منها ، وإلاّ فلو فرض هناك أمر عدميّ ليس له أثر شرعي أصلا لم يكن معنى لجريان الأصل فيه أصلا ، كما هو الشأن في الوجودي أيضا إذا لم يكن حكما شرعيّا.
نعم ، لو كان هناك حكم مترتّب على ما يلزم مجرى الأصل العدمي لم يحكم