وغالب الاستصحابات الموضوعيّة من الوجوديّة والعدميّة كاستصحاب الكريّة ، والعدالة ، والقلّة ، والطهارة ، والإطلاق ، والإضافة ، وغير ذلك يجري في قيد من قيود الموضوع.
نعم ، لو لم يجر الأصل في موضوع الحكم أصلا ، بل أريد من إجرائه في مفهوم كلّي ـ وجودي أو عدمي ـ تطبيقه على الموضوع الخارجي الجزئي أو الكلّي كان من الأصول المثبتة ، سواء كان وجوديّا كاستصحاب بقاء الكرّ في المحلّ الذي أريد به إثبات كرية الماء ، واستصحاب بقاء الوقت فيما كان مردّدا شرعا الذي يراد به إثبات كونه الزائد على المقدار المتيقّن ، أو عدميّا كاستصحاب عدم تحقق المانع الذي أريد به إثبات عدم مانعيّة الموجود المردّد. وليكن هذا في ذكر منك لينفعك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
فقد ظهر مما ذكرنا كلّه : أن الحكم بوجوب الاجتناب عن الماء ونجاسته فيما كان مسبوقا بعدم الكريّة عند ملاقاته للنجس باستصحاب عدم الكريّة ممّا لا مناص عنه أصلا ، وإن أمكن فيه استصحاب القلّة أيضا على تقدير إناطة الانفعال بها ، وكونها أمرا وجوديّا ضدّ الكريّة ، ولا يعارضه استصحاب طهارة الماء من حيث كون الشك فيها مسبّبا عن الشكّ في حصول الكريّة. كما أنه لا يعارض أصل البراءة عن الدّين بأصل البراءة عن وجوب الحجّ من حيث كون الشكّ في وجوبه مسبّبا عن الشكّ في اشتغال الذمّة بالدّين.