عرفت : من التوهّم وسيجيء تحقيق القول في ذلك وتفصيله في الجزء الثالث إن شاء الله تعالى.
وهذا بخلاف النظائر ؛ فإن حكم الشارع ببقاء الرطوبة على الذبابة من جهة عمومات الاستصحاب لا يجدي شرعا ، إلاّ فيما يترتّب شرعا على نفس الرطوبة لا على تأثير الملاقي وهكذا ، إلاّ فيما فرض كون الواسطة خفيّة كاستصحاب عدم المانع في محلّ الغسل والوضوء. وهذا بخلاف أصالة عدم المانع عن وصول السهم المرميّ ؛ فإنه لا يثبت بها القتل أو التذكية يقينا ؛ لوضوح الواسطة وكون الحكم متعلّقا بها.
نعم ، هنا توهّم آخر في خصوص أصالة البراءة من حيث إنّ مقتضاها الحكم بعدم العقاب ليس إلاّ ، وإن لم يترتّب عليه حكم شرعيّ أصلا ، وإن كان فاسدا عند التأمّل : من حيث إن المانع من وجوب الحج هو فعليّة خطاب الدّين المنفيّة بأصالة البراءة ، لا مجرّد شأنيّته فتدبّر هذا.
وإن شئت قلت ـ في دفع الإشكال المتقدّم وعدم كون أصالة البراءة عن الدّين وأمثالها من الأصول المثبتة ـ : إن الأصل الجاري في موضوع الحكم الشرعي أو جزئه أو شرطه أو مانعه ـ بعد إحراز سائر ما له دخل فيه ـ لا تعلّق له بالأصول المثبتة أصلا ؛ فإن معنى الأصل الموضوعي الرّاجع إلى جعل حكم الموضوع شرعا في مرحلة الظاهر ليس إجراء الأصل في تمام الموضوع. كيف؟