الأوّل : أنا قد أشرنا في مطاوي ما أسمعناك من الكلام في بيان هذا الأصل إلى كونه حاكما على العمومات المثبتة للحكم الضّرري من التكليفيّات والوضعيّات وشارحا لها ومبيّنا لمقدار مدلولها ومفسّرا للمراد منها ، وأنّ المجعولات في الإسلام ، والشرع ليست بحيث توجب الضّرر على أهل الإسلام فهذه الأخبار المثبتة للأصل المذكور بمداليلها اللفظيّة ناظرة إلى العمومات المثبتة للأحكام وإطلاقاتها ومتعرّضة لها ومتفرّعة عليها كسائر ما يكون على هذا
__________________
المحكي عن التذكرة [ ج ١١ / ٦٨ ] : « لا ضرر ولا ضرار في الإسلام » يعني أحكام الإسلام.
ثم اعلم انه قد نلتزم بحكومة أخبار الضرار على ما كان دليله أخص مطلقا من أخبار الضّرار لو كان ظاهرا بالنسبة إلى مدلوله لا نصّا ، مثل ما لو أمر الشارع مثلا بشيء ضرري في جميع أفراده ، والأمر ظاهر في الوجوب فنحمله على الإستحباب بمقتضى حكومة أخبار الضرار بناء على ان الحكم الإستحبابي لا يوجب الضّرر [ على كلام ].
واعلم أيضا : أن حكومة أخبار الضرار إنّما هي بالنسبة إلى غير الأدلة التي هي أيضا حاكمة على سائر الأدلة مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رفع عن أمّتي تسعة ... » وأدلّة الحرج وأمثالهما وأمّا بالنسبة إلى مثل هذه الأحكام فالتعارض ، ويعمل فيها بقواعد التعارض فقد يقدّم هذه على هذه وقد يقدّم هذه على هذه على ما يقتضيه قواعده ، وكذا حال سائر هذه الأحكام بعضها مع بعض وربّما يكون بعضها حاكما على بعض آخر ، وتشخيص مواردها موكول إلى نظر الفقيه » إنتهى.
أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ٥٧٢.