المدخليّة الواقعيّة وعدمها إنما هو بالنّظر إلى حكمه ، وإلاّ فلا واقعيّة لما له دخل في الحكم من حيث الوصف بالنّظر إلى نفس الحاكم كما هو غير مخفيّ على ذوي الأفهام المستقيمة. ودعوى الوجدان والعيان فيه مخالفة للوجدان والعيان ، بل الضّرورة من جميع ذوي الأفهام.
وأمّا التّمسّك بتمسّكهم بقاعدة الاشتغال في دوران الأمر في الأحكام العقليّة الّذي يلزمه جهل العقل بما هو المناط في الحكم ، فقد ذكرنا شطرا من الكلام عليه فيما علّقناه على الجزء الأوّل والثّاني من « الكتاب » فراجع إليه حتىّ تكون على بصيرة منه.
وثانيا : سلّمنا تعقّل ما ذكرته ، لكنّه أيضا لا يضرّ ما نحن بصدده ؛ لأنّ الشّك في الحكم العقلي في الزّمان الثّاني بناء على ما ذكرته مستندا إلى وجود ما يحتمل مدخليّة عدمه في وجود الحكم ، غاية الأمر : أنّه لمّا كان معدوما في الزّمان الأوّل على سبيل الإجمال حكم العقل بما حكم به ، فلمّا وجد في الزّمان الثّاني شكّ فيه.
ومعلوم : أنّ هذا الشّك أيضا يرجع إلى الشّكّ في بقاء الموضوع ؛ إذ يحتمل أن يكون عدم الموجود جزءا له فبوجوده يشكّ في بقائه. فأين القطع بوجود الموضوع في القضايا العقليّة في زمان الشّك؟ وأين الشّك الغير المستند إلى الشّك في بقاء الموضوع فيها؟
نعم ، هنا شيء قد يقال علي تقديره بإمكان تحقّق الاستصحاب موضوعا في الأحكام الشّرعيّة المستندة إلى القضيّة العقليّة. وهو : القول بكون الحاكم في إحراز الموضوع ، والبقاء ، والنّقض في باب الاستصحاب هو العرف ولو من باب المسامحة ، فكلّ ما حكم العرف به في الزّمان الثّاني : أنّه كان كذا فشكّ في بقائه