أقول : هذا ردّ على ما ذكره من التّفرقة بين الأحكام العقليّة والشّرعيّة بقوله :« وهذا بخلاف ... إلى آخره » (١).
وحاصل الإيراد : أنّ من المقرّر عند العدليّة من الإماميّة والمعتزلة بالبراهين العقليّة وبالأدلّة القطعيّة النقليّة : كون الأحكام الشّرعيّة تابعة للمصالح والمفاسد النّفس الأمريّة العارضة للأفعال ، وإن اختلفوا في كون عروضها بالذّات ، أو بالاعتبار ، وكونها ألطافا في الأحكام العقليّة.
ولهذا اتّفقوا على : أنّ ما حكم به الشّرع حكم به العقل أيضا. كما أنّ ما حكم به العقل حكم به الشّرع أيضا ، خلافا للأشاعرة المنكرين للتّحسين والتّقبيح العقليّين وتبعيّة الأحكام الشّرعيّة للجهات ، لزعمهم كون نفس الإرادة مرجّحة ، فالحسن عندهم : ما أوجبه الشرع. كما أنّ القبيح : ما نهى عنه الشرع ، من غير أن يكون للأمر والنّهي تأثير في الفعل ، كما أنّهما ليسا من آثار الجهات.
ومعنى القضيّة : أنّه بعد ما أدرك العقل كون حكم الشارع مسبّبا عن الجهات
__________________
نعم يمكن الشكّ بدون ذلك في غير الأحكام الشّرعيّة من أحكام ساير الموالي ، لإمكان رفع المولى في الزّمان الثّاني حكمه مع بقاء ما أخذه أوّلا حقيقة بلا تغيير أصلا بفقد ما أخذ وجوده أاً وجود ما اعتبر عدم فيه ، بل انّما يرفعه لما بدا له الآن مع بقاء المناط على ما كان ، لكنّه بمعزل من الإمكان في الأحكام الشّرعيّة.
وانقدح بذلك أيضا انّ تخصيص الإشكال بما استند إلى العقل بلا مخصّص ، بل الأحكام هي متساوية الإقدام في ذلك ، كانت مستندة إلى العقل أو النّقل ، كما أشرنا إليه في الحاشية السّابقة ، فلا تغفل » إنتهى. انظر درر الفوائد : ٢٩٩.
* أقول : ولاحظ تعليقة صاحب قلائد الفرائد في قلائده : ٢ / ٧١ ـ ٧٨.
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ٣٨.