المقتضية له في نفس الأمر ، وإلاّ لزم التّرجيح بلا مرجّح وقطع بحكمه في قضيّة يحكم إجمالا : بأنّه لا بدّ من أن يكون كذلك في الواقع من حيث كونه مسبّبا عمّا يقتضيه واقعا وفي نظر الشّارع الّذي لا يتخلّف عن الواقع أبدا وإن لم يعلم تفصيلا بما هو المناط له في نظر الشّارع ، إلاّ أنّه يعلم إجمالا بوجوده من جهة حكم الشّارع المعلول له بالفرض. فالحكم الشّرعي لا ينفكّ أبدا عن حكم العقل بالمعنى الّذي عرفته ، ففي الحقيقة يرجع حكم العقل إلى تصديق الشّرع في حكمه من جهة علمه إجمالا بوجود المرجّح لحكمه.
وإليه يرجع ما عن بعض الأفاضل في معنى القضيّة : أنّ العقل على تقدير علمه تفصيلا بالجهة يحكم حكما إنشائيّا على طبق حكم الشّرع ، فليس حكم الشّرع دليلا على حكم العقل. كما في حكم العقل بالنّسبة إلى حكم الشّرع ، كيف! ويمتنع حكم العقل مع عدم علمه تفصيلا بالمناط والجهة ، فالمناط في حكم العقل والشّرع لا بدّ من أن يكون واحدا ، وإلاّ لم يكن معنى لتطابقهما.
فإذا حكم الشّارع بحرمة شيء كالكذب مثلا فلا بدّ من أن يكون مناطه هو الجهة المقتضية للحرمة عند العقل واقعا بحيث لو علم به مع قطع النّظر عن بيان الشّرع لحكم بها ، فإذا بني على عدم تحقّق موضوع الاستصحاب في الأحكام العقليّة لا بدّ من أن يبنى عليه في الأحكام الشّرعيّة أيضا ؛ لعدم انفكاكها عن الأحكام العقليّة بمقتضى التّلازم الثّابت من الطّرفين.
وهذا البيان كما ترى ، صريح في النّقض بالأحكام الشّرعيّة الثّابتة بالأدلّة الشّرعيّة الغير المستندة إلى التّحسين والتقبيح العقليّين من حيث اتحادها بحسب المناط للحكم العقلي الموجود في مورد حكم الشّرع بقاعدة التّطابق ، فالنّقض إنّما