__________________
وإن أضافك فأكرمه ) فإنّ كلّ واحد من المجيء والإضافة علّة لوجوب الإكرام فمع تحقّق أحدهما خاصّة يكون هي العلّة في الوجود ومع تحقّقهما فالسّابق منهما ومع اقترانهما يشتركان في العلية لا بمعنى استقلال كلّ منهما فيها لامتناع اجتماع علتين على معلول واحد بل بمعنى اشتراكهما في التأثير في الوجود وحينئذ نقول : إنّ العقل والشّرع إذا حكما بوجوب فعل أو حرمته مع عدم العلم بمناط حكم الشّرع يحتمل أن يكون مناط حكم الشّرع مضافا إلى مناط حكم العقل شيئا آخر لا يرتفع بارتفاع حكم العقل بحيث يستقل لإثبات الحكم مع ارتفاع مناط حكم العقل وإن اشتركا في التأثير مع وجودهما كما إذا فرض حكم العقل بقبح شرب الخمر بعنوان كونه مسكرا وكان مناط حكم الشرع بحرمته في الواقع مضافا إلى مناط حكم العقل شيئا آخر كالإضرار فإذا ارتفع مناط حكم العقل صحّ استصحاب حكم الشرع لا محالة.
ثم إن المعترض هو صاحب الفصول حيث قال : ( المراد باستصحاب حال العقل كل حكم ثبت بالعقل سواء كان تكليفيّا كالبراءة حال الصّغر وإباحة الأشياء الخالية عن أمارة المفسدة قبل الشّرع وكتحريم التصرف في مال الغير ووجوب ردّ الوديعة إذا عرض هناك ما يحتمل زواله كالاضطرار والخوف في المثالين الأخيرين أو كان وضعيّا سواء تعلّق الاستصحاب بإثباته كشرطية العلم لثبوت التكليف إذا عرض ما يوجب الشكّ في بقائها مطلقا أو في خصوص مورد أو بنفيه كعدم الزّوجيّة وعدم الملكيّة الثابتين قبل تحقق موضوعهما وتخصيص جمع من الأصوليين لهذا القسم بالمثال الأوّل ممّا لا وجه له ) إنتهى.
ووجه اندفاع الاعتراض :
أمّا أولا : فبما أشار إليه المصنّف رحمهالله وحاصله : أن مراد القوم بتخصيص استصحاب حال العقل باستصحاب النّفي والبراءة ليس من جهة التفصيل في استصحاب الأحكام العقليّة بتسليمه في استصحاب النفي ومنعه في استصحاب الوجود كيف! وقد عرفت عدم جريانه