لا عهد ، ليس معناه مجرّد سبق ذكر ما يصلح الإشارة إليه ، بل ما إذا كان هناك قرينة على العهد بحيث يفهم عرفا.
لا يقال : ذكر علماء البيان وغيرهم : أنّ المذكور سابقا إذا كان منكّرا يفهم منه عرفا العهد كما في قوله تعالى : ( فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ )(١) المسبوق بلفظ الرّسول المنكّر ، وجعلوا هذا هو الميزان لتعيين « اللاّم » فيما تردّد أمره بين العهد والجنس. والمفروض : أنّ المقام أيضا من هذا القبيل ؛ فإنّ المذكور منكر فيه فيحمل على العهد لا على الجنس ، فيسقط الاستدلال بالرّواية.
لأنّا نقول : إرادة العهد من « اللاّم » في خصوص المقام ممّا لا معنى له ؛ لأنّه لو كان للعهد يصير معنى قوله : « ولا ينقض ... إلى آخره » (٢). أنّه لا يجوز نقض اليقين الشّخصي المتعلّق بالوضوء ؛ لأنّ اليقين الّذي كان الشخص عليه هو خصوص هذا اليقين وهو ممّا لا معنى له كما لا يخفى.
هذا ملخص ما ذكره في الجواب عن الأوّل ، فكأنّ مقصوده من كلامه الأخير : هو أنّ المنكّر في المقام كالمعرّف في أنّ المقصود منه الفرد المعيّن المشخّص.
ولكنّك خبير بما فيه.
وأمّا عن الثّاني : فبأنّ ما تقرّر في محلّه ليس قضيّة دائمة ، بل ربّما يتخلّف
__________________
(١) المزمل : ١٦ والصحيح : ( فَعَصى فِرْعَوْنُ ... (.
(٢) التهذيب : ١ / ٨ ـ ح ١١ ، عنه الوسائل : ١ / ٢٤٥ الباب الأوّل من أبواب نواقض الوضوء ـ ح ١.