يقال : إنّه بمنزلة النّفي ، فيدلّ على سلب العموم لا عموم السّلب ؛ لأنّ استفادة العموم إنّما هي بملاحظة النّفي من حيث وروده على الجنس المقتضي لنفي جميع الأفراد عرفا ، لا بملاحظة ما وقع في حيّز النّفي وفي عقيبه مع قطع النّظر عن النّفي ، كما في قوله : « لم آخذ كلّ الدّراهم » (١) حيث إنّ العموم مستفاد فيه من لفظ الكلّ وإن لم يكن هناك نفي أصلا.
ثالثها : أنّ إرادة نفي العموم في المقام ممّا لا معنى له وإن كان هناك ما يدلّ على العموم ؛ لأنّه يصير معناه حينئذ : أنّ بعض أفراد اليقين لا ينقض ببعض أفراد الشّك. والتّعبير بالبعض إنّما هو من حيث كون المهملة في قوّة الجزئيّة ، وإلاّ فنفس المهملة أيضا ممّا لا يفيد في شيء كما لا يخفى. ومعلوم أنّه ممّا لا يفيد شيئا للسّائل قطعا ولا يجوز التّفوّه به جزما ؛ لأنّه في قوّة الكبرى كما لا يخفى.
رابعها : أنّ ما ذكروه من أنّه إذا تعلّق النّفي بالعموم يدلّ على سلب العموم إنّما هو فيما إذا كان العموم مستفادا من لفظ « الكلّ » ونحوه ، لا من « لام » الاستغراق.
خامسها : أنّ المقام قرينة على كون المراد عموم النّفي لا نفي العموم ، هذا كلّه. مع أنّ في المقام شيء يدلّ على إرادة عموم النّفي مع غمض النّظر عن جميع ما ذكرنا وهو : التّعليل بقوله : ( فإنّه على يقين من وضوء ) وقوله : ( أبدا ) ؛ فإنّهما آبيان عن كون المراد نفي العموم.
أمّا الثّاني : فظاهر. وأمّا الأوّل : فلأنّ مقتضى التّعليل التّعدي وتسرية العلّة.
__________________
(١ و ٢) فرائد الأصول : ج ٣ / ٥٧.