نعم ، ما قام على حجيّة الظّنون الخاصّة إنّما أفاد اعتبار ما يوجب الظّن بالحكم من حيث إفادته له شخصا أو نوعا. وأين هذا من جعل الدّليل في كلّ مورد ما يفيد الظّن لا نفس الظّن؟
فإذا فرض هناك إجماع من العقلاء على حجيّة الظّن الاستصحابي كما ادّعي يحصل بملاحظته التّوصّل بالظّن الاستصحابي ، إلى الحكم الشّرعي من غير مدخليّته لسبب الظّن في التّوصّل إلاّ من حيث كونه سببا لما يتوصّل به إلى الحكم ، وكذا إذا قيل باعتباره من جهة دليل الانسداد المقتضي لحجيّة مطلق الظّن من حيث وصف الظّنّ ؛ نظرا إلى كونه أقرب إلى الواقع ـ على ما هو المختار في تقرير الدّليل على وجه الحكومة ـ على ما أسمعناك في الجزء الأوّل.
وإن أوهم كلام المحقّق القمّي : كون الحجّة ـ بمقتضى الدّليل ـ الأمارات الظّنية دون مطلق الظّن النّفس الأمري ، على ما وجّه به خروج القياس وأشباهه من الدّليل العقلي كما عرفت في محلّه. وبالجملة : ما ذكر لا يصلح وجها للعدول عن تعريف القوم.
وثانيا : أنّ سبب الظّن بالبقاء في الاستصحاب ـ على ما صرّح به المحقّق القمّي فيما سيأتي من كلامه ـ غلبة البقاء في الموجودات السّابقة لوجودها الأوّلي. وأين هذا ممّا ذكر؟
وثالثا : أنّ سبب الظّن على زعم القوم : هو الثبوت في السّابق من غير مدخليّة لاعتبار المشكوك لاحقا فيه ، وظاهره اعتبارهما معا.
ورابعا : أنّ المحدود في كلامه ليس هو خصوص الاستصحاب الحكمي الّذي هو من أدلّة الأحكام على العقل ، بل يعمّه والاستصحاب الموضوعي الّذي