وأمّا دلالتها عليها من جهة ظهورها في وحدة المتعلّق فهي أيضا ممنوعة ؛ من حيث إنّها مبنيّة على أخذ زمان الماضي قيدا للمتيقّن لا ظرفا لليقين وليس لها دلالة على ذلك بل الظّاهر منها كونه ظرفا لليقين وملحوظا بهذا اللّحاظ ليس إلاّ ، وإن اتّفق وجود المتيقّن فيه أيضا.
توضيح ما ذكرنا : أنّه قد يجعل الزّمان الماضي قيدا للمتيقّن فيفرض الشّك فيه ، فيقال : من كان على يقين من عدالة زيد مثلا في يوم الجمعة فشكّ فيها يوم السّبت ، فلا بدّ من أن يفعل كذا ، بأن يكون المقصود تعلّق اليقين بالعدالة الخاصّة ، وهو عدالة يوم الجمعة. وقد يقال : من كان على يقين في زمان سابق من العدالة وشكّ في زمان لاحق في العدالة ، فلا بدّ من أن يفعل كذا.
أمّا التّعبير الأوّل فلا إشكال في ظهوره في القاعدة وإن أمكن إرادة الاستصحاب منه ؛ لأنّ الظّاهر من قوله : ( فشكّ فيها ) : هو الشّك في نفس ما تعلّق به اليقين ، وهي العدالة الخاصّة ، ولازمه سراية الشّك وهذا هو معنى القاعدة.
وأمّا التّعبير الثّاني فلا إشكال في عدم ظهور القاعدة منه ؛ لأنّ الشّك في وجود العدالة في يوم السّبت شكّ في نفس ما تعلّق به اليقين ؛ حيث إنّ المفروض أنّ متعلّق اليقين نفس وجود العدالة لا العدالة المقيّدة بكونها في يوم الجمعة ، غاية الأمر : أنّ زمان حصول اليقين بها إنّما كان يوم الجمعة ، فالرّواية ظاهرة في إرادة الاستصحاب سيّما بملاحظة التّعليل المذكور فيها المساوق لسائر الأخبار.
ومن هنا ذكر قدسسره : ( فالإنصاف ... إلى آخره ) (١) فالرّواية مضمونا وتعليلا
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ٧٠.